بان كان العموم متحققا منه وحده ، مثلا لو كان المتكلم لا يخاف من بعض جماعة لقوّته وسطوته على هذا البعض ولا يخاف من بعضها الآخر على تقدير مصاحبة المخاطب معه فلا يصح على هذا المبنى ان تقول للمخاطب : ان كنت صاحبى فلا اخاف احدا من هذه الجماعة ، فان مصاحبة المخاطب ليست علة تامة لعدم الخوف من احد من الجماعة ، بل العلة التامة هي مع قوة نفس المتكلم وسطوته ، والحاصل انه بعد استفادة ذلك وان المفروض استفادة الانحصار كان المفهوم كليا عقلا كما هو واضح.
ولكن قد عرفت ضعف المبنى ، وصحة الاطلاق مع كون الشرط جزء أخيرا.
ثم ان هنا مطلبا آخر يدل على جزئية المفهوم ايضا في خصوص المثال الذي وقع محلا للنزاع بين العلمين ، اعني قوله عليهالسلام «اذا بلغ الماء قدر كر لم ينجسه شيء» (١) وهو انا وان ساعدنا مع الشيخ المرتضى «قدسسره» في ان التعليق يتعلق بالآحاد فينحل الى تعليقات ، دون العموم حتى لا يكون إلّا تعليق واحد ، ولكن نقول : هذا انما هو فيما اذا كان العموم مستفادا من لفظ دال عليه بالوضع او الدلالة العرفية ، كما لو كان الكلام مشتملا على كلمة كلّ ونحوها ، دون ما اذا لم يكن كذلك كما في هذا المثال فان كلمة شيء ليست موضوعة للعموم ، بل للمعنى المهمل القابل للعموم والخصوص ، فكذا ليس أداة النفي موضوعة لنفي العموم ، بل للاعم منه ومن نفي الخصوص ، وكذا الظاهر عدم الوضع للمركب منهما بل الحق عدم الحاجة الى شيء من ذلك وحصول معنى العموم من استعمال اللفظتين في نفس معنيهما عقلا بيان ذلك أن المهملة مقسم للمطلقة والمقيدة ، ونفي المقسم نفي لاقسامه ايضا ، فايراد النفي المستفاد من أداته على المهملة المستفادة من النكرة يدل عقلا على نفي جميع الاقسام وجميع الآحاد ، ولا حاجة في جواز ذلك الى اجراء مقدمات الاطلاق في نفس النكرة كما يستفاد من الاستاذ الخراساني ـ حيث ذكر ابتناء استفادة العموم من أداة النفي على جريان المقدمات في المدخول وعدمه ـ فلو لم يكن المتكلم ب «لا رجل في الدار» في مقام البيان واحتمل كون قيد السواد دخيلا في مراده اللبي ولم يذكره لكونه في مقام الاهمال ، فحينئذ لا يستفاد العموم من كلمة «لا» اذ يلزم على تقدير كون مراده اللبي هو المقيد تجوّز في شيء منها ومن النكرة ، فان النكرة موضوعة للمهملة ، وأداة النفي لنفي ما اريد من مدخولها من المصاديق ، وجه عدم الحاجة ما ذكرنا من كفاية نفس ايراد معنى النفي على الطبيعة المهملة المقسمية ،
__________________
(١) الوسائل : ج ١ ص ١١٧ باب ٩ ح ٢ و ٦