فيكون أداة النفي قائمة مقام المقدمات.
وقد ذكر الاستاذ انه نبه على ذلك سيّده الاستاذ السيد محمد الاصفهاني «طاب مضجعه» وذكر أنى مثلت لتوضيح مرام الاستاذ مثالا وارتضاه ، وهو ان المستخير لو استخار لمطلب كلي فجاء النهي لم يستخر ثانيا له بضم خصوصية اليه ، واما اذا جاء الأمر فهو يستخير للخصوصيات ايضا ، وليس ذلك إلّا لأن النفي اذا ورد على الكلي فقد انتفى الاصل والاساس ، وبانتفائه ينتفى جميع ما ابتنى عليه ، وهذا بخلاف الاثبات ، فان اثبات المقسم لا يفيد استواء جميع الاقسام ، فلا محالة يحتاج الاطلاق والسراية الى احراز المقدمات.
اذا تقرّر هذا فنقول المفهوم في المثال قولنا اذا لم يبلغ الماء قدر كر ينجسه شيء ولا يستفاد سوى الجزئية ، لما ذكرنا من ان ورود الاثبات على النكرة ، لا يدل على ازيد من الثبوت في بعض الافراد.
(*٤٤ ، ص ٢٠٠)
الثالث : اذا تعدد الشرط واتحد الجزاء مثل اذا خفي الاذان فقصّر ، واذا خفي الجدران فقصر ، فعلى القول بعدم المفهوم لا كلام ، واما على القول به فلا يمكن حفظ الظهور في كلا الكلامين ، فان مفهوم الاول انه اذا لم يخف الاذان لم يجب القصر مطلقا ، وان خفي الجدران ، ومفهوم الثاني انه اذا لم يخف الجدران لم يجب القصر ، وان خفي الاذان ، فلا بد من التّصرف ورفع اليد عن الظهور ، اما رفع اليد عن المفهوم في كلا القضيتين ، واما بتخصيص مفهوم كل منهما بمنطوق الآخر ، فتنتفي الدلالة على الانحصار رأسا على الاول ، وتنتفى بالاضافة الى السبب الآخر مع محفوظيته بالاضافة الى الاسباب الأخر على الثاني ، واما بجعل كلّ من الشرطين جزء السبب ورفع اليد عن ظهوره في تمامه ، وعلى هذا يبقى المفهوم بحاله ، واما بجعل السبب هو الجامع بين الأمرين ، وعلى هذا ايضا يبقى المفهوم بحاله ، واما بجعل احد الامرين اصلا والآخر معرّفا كان يكون معيار وجوب القصر خفاء الاذان ، ولكن لما لم يكن بموجود في كل حين جعل خفاء الجدران أمارة عليه وكاشفا عنه ، فعند معلومية خفاء الأذان كان هو المعيار ، وان لم يخف الجدران ، وكذا مع معلومية عدم خفاء الاذان كان هو المعتبر ، وان خفي الجدران ، لعدم الموضوع للأمارة مع معلومية الواقع ، فموضوع الثاني الاشتباه في الاول ، فهما حكمان طوليان فكلّ في مرتبته يصح اخذ المفهوم منه بلا مناف اصلا.
ولكن الاخير علاوة على عدم معين يعيّن الأمارة عن ذي الامارة بعيد عن الظاهر كثيرا ، وكذا احتمال كون السبب هو الجامع فانه وان كان ملائما مع الاعتبار العقلي ، من جهة ان التأثير الواحد في المتباينين لا بد وان ينتهي الى جامعهما لئلا يلزم تاثير الاثنين في الواحد ، ولكنه بعيد عن متفاهم العرف جدا ، حيث يفهمون انّ هذا الخاص وذاك الخاص سبب مستقل