في جانب المفهوم انتفاء المعنى الكلي ايضا ، ثم لو فرض القول بجزئية معاني الحروف لكن نقول : من المعلوم أن مفاد القضية الشرطية علية الشرط لسنخ هذا المعنى الجزئي ، وان لم يؤت في العبارة بما يدل على السنخ وأتى بما يدل على جزئي من جزئياته من باب قصور دلالة اللفظ ، ولكن الملحوظ تعليق سنخه على الشرط ، وحينئذ فالمنتفى عند انتفاء الشرط هو السنخ ، وبالجملة فانتفاء الشخص بانتفاء الموضوع غير مختص بالقضايا الشرطية فلا يمكن ان يكون هو مراد من قال بالمفهوم.
(*٤٣ ، ص ١٩٧)
الثاني : لا اشكال في لزوم الاتفاق والتطابق بين المفهوم والمنطوق في جميع القيود في الجملة ، ويمحض الاختلاف في السلب والايجاب ، فالمفهوم من قولك «ان جاء زيد يوم الجمعة فأكرمه يوم السبت ، أنه «ان لم يجئك يوم الجمعة لا يجب اكرامه يوم السبت» ، وانما الاشكال في بعض القيود مثل العموم المأخوذ في الجزاء ، فانه اذا كان على وجه العموم المجموعي فلا اشكال في التطابق ، بمعنى مأخوذيته في طرف المفهوم ايضا على وجه المجموعي دون الاستغراقي ، فاذا قيل : ان جاءك زيد فيجب اكرام تمام العلماء ، بحيث كان المطلوب اكرام المجموع ، كان المفهوم انتفاء اكرام المجموع الغير المنافي مع وجوب اكرام البعض ، واما لو اخذ على وجه الاستغراق كما لو قيل هذا الكلام ، على وجه كان المطلوب اكرام كل واحد واحد بالاستقلال ، فحينئذ قد وقع الخلاف بين استادي الفن الشيخ محمد تقي والشيخ المرتضى «قدسسرهما» في المفهوم ، فقال الاول : المفهوم رفع الايجاب الكلي الملائم مع السلب الجزئي ، فالمفهوم في المثال أنه على تقدير عدم المجيء لا يثبت هذا الحكم الكلي ، وهو وجوب اكرام كل عالم ولا ينافي ذلك مع ثبوت وجوب اكرام البعض ، وقال الثاني بل المفهوم هو السلب الكلي ، اذ كما ان الاستغراق ثابت في نفس القضية الجزائية كذلك يثبت في ارتباطها بالشرط ، فكل حكم من الاحكام الجزئية صار مرتبطا بالشرط ، فكانه قيل : ان صار كذا فاكرم هذا ، وان صار كذا فاكرم ذاك ، وهكذا الى آخر الافراد ، ولا شك ان لازم القول بالمفهوم على هذا ارتفاع الحكم عن جميع الأفراد على سبيل الاستغراق عند عدم الشرط.
وانتصر الاستاذ الخراساني «طاب ثراه» للاول وزاد انه ان استفيد الاطلاق او العموم من مقدمات الحكمة دون نفس القضية كان الحكم كذلك ايضا ، فاذا قيل : «ان جاء زيد فاعتق رقبة» كان المفهوم ان لم يجئك فلا يجب عتق الرقبة المطلقة ، ولا ينافي ثبوت وجوب عتق المقيدة.
ولكن هذا ينبغى القطع بفساده ، فانه لا يجري المقدمات اوّلا في المنطوق فقط حتى يؤخذ