وسببيته بدون زيادة كان ما ذكره حقا ، ولكنهم حاولوا اثبات المطلب بالدلالة اللفظية دون العقلية ، بدعوى دلالة الاداة على الحصر مع العلية ، ومعه فلا يبقى لكلام السيد مجال ، نعم لا بد ان يتكلم معهم في الدعوى المذكورة.
ومنها : ان القضية الشرطية لو دلت على المفهوم لكانت باحدى الدلالات الثلاث ، والتالي باطل ، فالمقدم مثله ، بيان ذلك : ان قولك : «ان جاء زيد ، ليس معناه المطابقي» ان لم يجيء ، ولا معناه التضمّني ذلك ، وكذا قولك : «فاكرمه» ليس معناه المطابقي ولا التضمني «انه لا يجب اكرامه» واما الالتزامي فلا بد ان يكون اما بالملازمة بالمعنى الاخص ، حتى يكون واضحا عند كل احد أو بالمعنى الاعم ، والقائل لا بد ان يقول بالاول ، بدعوى أن الاداة تدل على الحصر ، وهو ملازم مع المفهوم بالمعنى الاخص ، وقد تقدم ابطال هذه الدعوى فيما تقدم بشهادة الوجدان.
ومنها : التمسك بعدم المفهوم في آية (لا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً)(١) اذ لو دلت على المفهوم لكان المعنى «وان لم يردن التحصن يجوز لكم الاكراه» وهو باطل.
والجواب أن عدم ثبوت المفهوم في خصوص هذه القضية لا تدل على عدم ثبوته في نوع القضية الشرطية ، مضافا الى أن الشرط في هذه محقق للموضوع ، اذ لا يتحقق موضوع الاكراه الا مع ارادة التحصّن فتدبر.
وينبغي التنبيه على امور :
الاول : قد يقال على القول بالمفهوم بالفرق بين ما اذا كان الجزاء قضية خبرية مثل «ان جاء زيد جاء عمرو» وبين ما اذا كان قضية انشائية مثل «ان جاء زيد فاكرمه» ، ففي الأول لا اشكال في المفهوم ، واما في الثاني فحيث ان الجزاء الثابت عند وجود الشرط هو الانشاء الخاص كالايجاب الخاص كان المنتفى عند انتفائه في المفهوم هذا الانشاء الخاص ، فليزم ارتفاع الوجوب الخاص عن زيد في المثال عند عدم مجيئه ، وهو لا ينافي ثبوت الوجوب الخاص الآخر الثابت بانشاء آخر ، وهذا في الحقيقة واللب قول بعدم المفهوم ، فان ارتفاع الانشاء الخاص لا يختص بالقضية الشرطية ، بل يثبت في الوصفية واللقبية ايضا ، مثل «اكرم زيدا».
ودفعه انه بعد ما مر في محله من كون المعاني الحرفية كليات لا وقع لهذا الكلام ، اذ يصير الجزاء في تلك القضايا هو الايجاب الكلي ، فكانه قيل : ان جاء زيد يجب اكرامه ، فالواجب
__________________
(١) سورة النور ، الآية ٣٣.