لاحتياج التخييري الى ذكر العدل.
وفيه : ان السبب كان واحدا ام متعددا فنحو سببيته واحد ، وليس احدهما محتاجا الى بيان زائد ، وذكر العدل ليس لبيان سنخ السببية وانما هو لبيان التعدد ، واما الواجب التخييري فهو سنخ آخر من الوجوب وراء التعييني يحتاج الى مئونة زائدة ، فالقياس عليه قياس مع الفارق ، والحاصل أنه ليس في هذا المقام تغاير سنخ ولا حاجة الى مئونة زائدة.
ثم انه قد وقع من الاستاذ الخراساني في هذا المقام من الكفاية سهو غريب ينبغي التنبيه عليه ، وهو انه عند ذكر التمسك بمقدمات الحكمة لحمل الارتباط المستفاد من الاداة على فرده الاكمل كما يحمل الطلب بسببها على الوجوب النفسي ، أجاب عنه بان الارتباط معنى حرفي ، والمعاني الحرفية غير قابلة للاطلاق والتقييد.
وهذه غفلة عجيبة منه طاب ثراه ، مع انه قائل باجراء المقدمات في المعنى الحرفي في غير مقام ، مثل الطلب المستفاد من هيئة الامر وغيره ، وصل الشبهة في قبول هذه المعاني للاطلاق والتقييد هو انهما يحتاجان الى لحاظ المعنى ، والمعاني الحرفية غير قابلة للّحاظ ، والجواب أنها قابلة للحاظ على نحو المرآتية والاجمال ، كما هو الحال في استعمالات الحروف ، فان مستعملها لا محالة ملتفت انه يستعملها في أيّ معنى ، مثلا الآمر يلحظ الطلب الاجمالي ، ومستعمل «من» يلحظ الابتداء الاجمالي ، وهذا الذي يلحظه المستعمل معنى اسمي ومرئيّه معنى حرفي ، فعند ملاحظة هذا المعنى الاجمالي يمكن ان يلاحظ مطلقا ويمكن ان يلاحظ مقيدا ، ألا ترى أنك تفهم من قول المتكلم سر من البصرة الاطلاق بالنسبة الى نقاط البصرة ، فلا يتفاوت الحال في جعل ايّ منها محلا للشروع في السير ، وليس إلّا لان المتكلم لاحظ معنى الابتداء الاجمالي مطلقا.
هذا هو الكلام في حجج المثبتين.
(*٤٢ ، ص ١٩٤)
واما حجج المنكرين فوجوه
منها : ما يحكى عن السيد ، من ان السبب اذا انتفى لا يلزم من انتفائه انتفاء المسبب ، فان قيام سبب آخر مقام السبب الاول كثير في الشرعيات والعاديات ، ألا ترى ان انضمام اليمين او الامرأتين الى العدل الواحد يقوم مقام البيّنة في اثبات الدعاوي ، وان الشمس تقوم مقام النار في ايجاد الحرارة ، الى غير ذلك.
والجواب ان هذا ناش من عدم فهم مراد المثبتين ، فانهم لو تمسّكوا بالقاعدة العقلية التي هو ان المشروط ينتفى بانتفاء شرطه بعد تسليم ان أداة الشرط لا تدل الا على شرطية المقدم