انفكاك الوجوب عن الوجوب ، فمتى تحقق ما فيه شأنية العلية ولم يتحقق المعلول فلا بد من انسلاخ وصف العلّية التامة عنه ، واما قولك في جانب وجود المقتضى ـ بالفتح ـ بانه مقارن لعدم المانع كمقارنة وجود المقتضى ـ بالفتح ـ لعدم نفسه فقياس مع الفارق ، اذ لو كان كذلك لزم ان تكون العلة التامة موجدا للمقتضى ـ بالفتح ـ ورافعا لضده لئلا يجتمع الضدان ، كما انه يرفع عدم نفس المقتضى لئلا يجتمع النقيضان ، وبالجملة دعوى العلية التامة لغير المانع من اجزاء المقتضي وشرائطه بدون مدخلية شيء آخر لا تتم.
فالصواب في الجواب ان يقال : انه كما ان لوجود القابل مدخلية في تحقق المعلول ، لاستحالة قيام العرض بلا محل وموضوع ، فلهذا لا تكون العلة المسبوقة بعلة اخرى علّة ، لانتفاء هذا الجزء فيه ، كذلك يكون لوصف القابلية ايضا مدخل في تحقق الأثر ، فلا يؤثر المطر اثره الذي يؤثره في الارض الطيبة في الارض المالحة ، وكذلك نقول ان النار علة للاحراق ، لا على وجه الاطلاق ، بل بشرط وجود شيء في البين ، فلا يؤثر بلا شيء ، وبشرط ان يكون هذا الشيء قابلا للاحتراق ولا يكون كالحجر ، واما القطن فان كان رطبا فحاله حال الحجر ، في انتفاء القابلية فيه ، وان كان يابسا فالقابلية فيه موجودة ، لا نعنى عنوان القابلية بل مصداقها ، وهو امر وجودي يعبر عنه باللين والجفاف ، وليس عدم الحجر وعدم الرطوبة ولا معلولا هما وان كان مقارنا لهما ، فعدم التأثير عند وجود المانع لنقصان في المؤثر من جهة انتفاء القابلية ، لا لما يقارنه من وجود المانع ، وكذلك التأثير عند عدم المانع يكون لتمام المؤثر وهو القابلية ، لا ما يقارنه من عدم المانع ، فعدم المانع ووجوده في عرض وجود المقتضى ـ بالفتح ـ وعدمه ، ولا يلزم محذور ، وبالجملة يستكشف من وجود المانع ان في المحل خصوصية دخيلة في المقتضى وهي منتفية ، لا لاجل وجود المانع ، فيكون الانتفاء بانتفاء المقتضى دائما فحال هذه الخصوصية الوجودية مع وجود المانع حال الضدين اللذين لا ثالث لهما ، كالحركة والسكون في آن عدم احدهما ملازم لوجود الآخر وبالعكس ، من دون ترتب بينهما ولا اشتراك في العليّة ونستكشف من عدم المانع وجود تلك الخصوصية ، فيكون الوجود لوجود المتقضى من دون دخالة لعدم المانع ، فلا وجه لما اشتهر الى الآن من الانتفاء بوجود المانع وعدّ عدمه من اجزاء العلة ، فيقولون المقتضي موجود ، والمانع مفقود فالمعلول موجود.
(*٤١ ، ص ١٩١)
فصل
في مفهوم الشرط
وهو اكثر قائلا من بين المفاهيم ، والمراد به ان تدل أداة الشرط عند العرف اما للوضع