الواسطة آلة او فاعلة ، مثل السيف في القطع ، والماء في الغسل واذهاب الوسخ ، فليس على عهدة هذا المقام هذا ما يقال. وقد انتصره شيخنا الاستاذ «دام بقائه» في الدرس.
لكن يمكن ان يقال : انه يكفى لصحة توجيه الامر والطلب نحو شيء مجرد استناده الى المكلف باي نحو كان ، ولو كان المكلف سببا بعيدا ، فان المقدور بالواسطة المقدورة مقدور ، فالاكل الصادر من الشاة والاحراق الصادر من النار ، وان كان غير مقدور ابتداء ولا يمكن تحصيله بدون واسطة شيء ، لكن يكفى في اختياريته ان سببه يكون تحت اقتدار المكلف ، فاذا وجد هذا الفعل يكون له استناد الى المكلف ايضا ، كما يكون الى فاعله المباشر له ، وهذا المقدار يكفى في صحة توجه الامر والطلب ، فعلى هذا يصح تعلق الامر نحو جميع الاقسام بلا فرق.
(*٤٠ ، ص ١٣٣)
فصل
في مقدمية ترك احد الضدين لفعل الآخر وعدمه
قد يتوهم ذلك ، لاجل ان عدم المانع شرط لوجود المقتضي ، وقد تقرّر ان الشيء ما لم يجب لم يوجد ، والمقتضي المجامع للمانع ليس علّة للوجوب ، وليس إلّا لوجود المانع ، فعدمه دخيل في الوجوب ، فيكون دخيلا في الوجود.
وقد يجاب بان التأثير انما هو للمقتضي فقط ، واما عدمه عند وجود المانع فانما هو لاجل وجود المانع ، ولا يلزم منه مدخلية عدمه في المقتضي ، فان المقتضي لا يؤثر في المحال ، وجمع الضدين محال ، فالتأثير عند عدم المانع للمقتضي ، وعدمه عند وجوده ليس إلّا كعدم التأثير في العلة المسبوقة بعلّة اخرى ، ووجود المانع وعدمه مقارنان لعدم المقتضي او وجوده ؛ وان شئت قلت : ليس سبب توهم الدخالة الا استحالة اجتماع الضدين ، وهو كاستحالة اجتماع النقيضين ، فكما ان الثاني لا يوجب ان يكون ارتفاع العدم مثلا مقدمة لتحقق الوجود بل هما مقارنان في عرض واحد ، كذلك في المقام ايضا وجود الضد مع عدم الضد الآخر مقارنان ، وليس عدم الضد الثاني مستندا الى وجود الضد الاول ، بل الى عدم تمشي التأثير من المقتضي في الامر المحال ، وكذلك الحال في العكس ، فوجود الضد الثاني ايضا مع عدم الضد الاول مقارنان ، والتأثير خاص بالمقتضي كما في النقيضين.
ويمكن ان يدفع بانه لا يعقل انفكاك العلة عن المعلول ، فقولك : انه مع وجود ضد المقتضى ـ بالفتح ـ وجود المقتضي ـ بالكسر ـ علة تامة قضيته انفكاك العلة التامة عن المعلول ، والقياس بالعلة المسبوقة بعلة اخرى غلط ، فانها ايضا ليست بعلة ، والحاصل انّه لا يعقل