واما لكثرة الاستعمال على انتفاء الجزاء عند انتفاء الشرط ، كما تدل على وجود الاول عند وجود الثاني ، والغرض انتفاء سنخ الجزاء ، بمعنى ان يكون مفهوم قولك : ان كان زيد عالما فأكرمه ، انه ان لم يكن عالما ارتفع وجوب الاكرام عنه بالمرة ، وان اجتمع فيه الصفات الأخر التي لها شأن السببية لوجوب اكرامه واحترامه مثل كونه عادلا كريما شيخا ونحو ذلك واما ارتفاع شخص الجزاء بارتفاع الشرط فهو ليس بمفهوم ومحلا للنزاع ، بل هو ثابت في كل القضايا ، فان المحمول معدوم عند انتفاء الموضوع عقلا ، وهذا من البديهيات الغير القابلة للنزاع ، فاذا لم يكن زيد في المثال عالما فلا خفاء في ان وجوب الاكرام المحمول على موضوع زيد العالم غير ثابت حينئذ.
وانّما الكلام في ان الكلام المذكور يدل على ارتفاع وجوب الاكرام عن زيد بعد فقدان العلم من جهة صفات أخر او لا.
وحينئذ نقول : لا اشكال في ان القضية المصدرة باداة الشرط في محاورات العرف لها دلالة على حصول ربط وعلقة فيما بين الشرط والجزاء ، بحيث لو لم يكن بينهما علاقة وارتباط اصلا عدّ ذلك استعمالا للاداة في غير محلها ، وهذا محسوس بالعيان وبشهادة الوجدان ، بلا سترة وخفاء يحتاج الى برهان.
واذا ثبت دلالة القضية على الارتباط فهنا انحاء من الارتباط يمكن كون كل منها مستفادا من القضية : الاول ان يكون الشرط علة للجزاء ، والثاني ان يكون بالعكس ، يعني يكون الجزاء علة للشرط ، والثالث ان يكونا معلولين لعلة واحدة ، لا بد من تعيين هذه الثلاثة ايضا من الرجوع الى المحاورات العرفية.
ويمكن ان يقال : انه بملاحظة كون الجزاء من شأنه ان يصدّر بالفاء الدالّة على الترتيب ، اعني ترتيب ما بعده على ما قبله تكون القضية ظاهرة في القسم الاول ، وهو ما كان فيه الشرط مقدما رتبة على الجزاء ، وان كان لها صحة الاستعمال في الاخيرين ايضا ، ولكنه يحتاج الى معونة تأويل وعناية ، مثاله ان يفرض زيد وعمرو خادمين لخالد ، وكان مجيء خالد الذي هو المخدوم مستلزما لمجيء خادميه ، وهو عمرو وزيد معا ، بحيث لم يكن مجيئه منفكا عن مجيئهما ابدا ، فحينئذ لا اشكال في صحة تعليق مجيء كل من زيد وعمرو على مجيء خالد ، واما تعليق مجيء كل منهما على الآخر ، بان يقال : ان جاء زيد جاء عمرو ، فيحتاج الى توجيه ، بان يقال : ان المعنى أنه «ان جاء زيد فأقول او فأستكشف انه جاء عمرو» ويكون الجزم بالاخبار عن الجزاء وهو مجيء عمرو مترتبا على وجود الشرط وهو مجيء زيد.
وهكذا الكلام فيما اذا كان الشرط معلولا للجزاء.