بالمقدمة الموصلة من تصحيح العبادة في مبحث الضد ، فانه على هذا ايضا لا يكون ترك الصلاة الغير المتوصل به الى الازالة مطلوبا حتى يكون فعلها مبغوضا فيلزم اجتماع الامر والنهي في الشيء الواحد ، بل هذا الترك غير مطلوب ، فليس الفعل الا راجحا.
(*٣٩ ، ص ١١٩)
فصل
في صحة الامر بالافعال التوليدية التسبيبية
قد يقال بان الارادة من شأنها التحريك نحو المراد ، ولا يستقيم هذا الا بكون المراد ممّا يصح ويقبل التحرك نحوه ، من غير فرق بين الفاعلية والآمرية ، والافعال التي تصدر من جوارح الانسان يصح تحرك الانسان نحوها ، واما الافعال الصادرة من الغير ، سواء كان مضطرا كالاحراق الصادر من النار ، ام مختارا كاكل العلف الصادر من الشاة ، فهي لا تقبل تحرك الانسان نحوها ، فلا معنى لحركة الانسان نحو الاكل الصادر من الشاة او الاحراق الذي هو فعل النار ، فلا معنى لتعلق الارادة بهما.
نعم فيما كان الواسطة موصلة لقوة الانسان الى المفعول وآلة صرفة بدون دخالة في الفعل ، كالمنحت والمنشار والسيف والعصا والابرة وغير ذلك ، صح الحركة فتصح الارادة ايضا ، فتصح الحركة نحو النجارة والخياطة والفصل والكسر والقتل ونحوها ، لان كلّها صادرة من فعل الانسان وقوته ، والوسائط آلات صرفة ، وكذا الحال في نتائج الافعال الصادرة بغير الواسطة ، وهي المعبر عنها بمداليل اسماء المصادر ، فالنتيجة الحاصلة من الضرب والتحريك ونحوها يصح الحركة نحوها ، وبالجملة يمكن حركة الانسان نحو فعل نفسه وكل نتيجة حاصلة من فعل نفسه.
واما افعال الغير فالذي يمكن حركته نحوها هو ايجاد الاسباب كالقاء الحطب والعلف في النار وعند الشاة بغرض حصول المسببات ، فالمتحرك اليه هو السبب ، واما المسبّب فهو الغرض لهذه الحركة ، وبين ما ينتهى اليه الحركة والغرض الباعث عليها بون بعيد.
وعلى هذا فيفرق في صحة تعلق الامر بالافعال التوليدية التسبيبية بين ما كان من قبيل الحاصل من المصدر او كانت الواسطة فيه مجرد الآلة وبين ما كانت الواسطة فيه هي الفاعل ، فيصح في الاولين كما لو قال : ليكن هذا الجسم ابيض ، او اطلب منك بياض هذا الجسم ، او اقتل المشركين وخط لي هذا الثوب ، ولا يصح في الاخير ، فلا يصح احرق او اطلب منك اكل الشاة هذا ، او احراق النار له ، او لتحرق النار هذا ، او ليأكل الشاة هذا ، الا بتاويل الامر الى ايجاد السبب ، ثم هذا مقام بيان الكبرى ، واما تشخيص المصاديق المشتبهة بين ما كانت