وبعبارة اخرى الرجلان الرافعان لحجر مع عدم قدرة كلّ واحد على رفعه منفردا لا يكون الرفع من الارض مستندا الا الى المجموع ، واما من ناحية هذا الواحد فليس إلّا الشأنية الصرفة وقابلية حصول الرفع لو انضم اليه الآخر ، وهكذا الآخر ، فالرفع الحاصل من المجموع ليس من ناحية هذا ولا هذا ، فان لشأنية هذا مثلا دخلا في هذا الرفع ، وليس هذه الشأنية من قبل الآخر ، فكذلك في المقام ايضا فان صعود الدرج وطيّ الاقدام في حال المشي بالنسبة الى الكون في السطح والمكان الخاص ليس إلا جزء المقتضي ، وجزئه الآخر ارادة هذا الكون ، ففعلية هذا الكون تحصل من اجتماع هذه الشأنيات ، وشأنية كل جزء لا ربط لها بالجزء الآخر ، فلا ربط لفعلية هذا الكون بشيء من هذه الاجزاء ، بل هو مستند الى المجموع ، واختلاف حكم المجموع والآحاد لا غرو فيه.
قلت : لا اشكال في عدم استناد المعلول الى عدم المانع ، بل وجود المعلول مقارن لعدم ضده ، وهو معلول لعدم علته الذي هو المانع ، وهكذا لا استناد له الى المعدّ اعني ما يعطي القابلية للمحل ، كما هو واضح ، والشرط ايضا خارج ، وليس جزء من الفاعل ، فتنحصر الفاعلية في المقتضي ، فنقول : لو كان المتقضي مركّبا من اجزاء كما في حجر لا يتمكن رجل واحد من فصله بتمامه عن الارض ، ورجل آخر كذلك ، ولكن كلاهما اذا تساعدا يتمكنان من الفعل فلا اشكال ان هذا الفصل يكون على نصفين ، فنصفه من ناحية هذا الرجل ، ونصفه من ناحية ذاك.
فان قلت : هذا مستلزم للدور لان فعلية نصف فصل هذا متوقف على فعلية نصف فصل ذاك كما هو واضح ، وكذا العكس.
قلت : هاتان الفعليتان في عرض واحد ، لا ترتب في شيء من الجانبين ، فهما متلازمان ، ولكن يتوقف فعلية هذا النصف على فاعلية ذاك الرجل ، وفعلية ذلك النصف على فاعلية هذا الرجل ، فلا دور.
واذن فنقول : حصول الكون في السطح او في المكان الخاص يكون مجزّى بعدد المقدمات ، فيصل الى كل منها سهم من هذه الفعلية ، ويصل الى الارادة ايضا سهم ، فيتحقق بهذا البيان أن لكل مقدمة ايصالا فعليّا الى ذي المقدمة بقدر حصتها ، ويكون هو حاصلا من ناحيتها ، فالمريد لذي المقدمة اذا لاحظ كل مقدمة منفكة عن ايصالها الفعلي لا يجد في نفسه عشقا وحبا بالنسبة اليها ، وليس الغرض هو مجرد الاقربية الى ذي المقدمة ، بل الغرض منها ومن الاقربية ايضا هو الوصول ، ولا شبهة في ان هذا الغرض لا يتمشى الا من ناحية المقدمة الموصلة الفعلية دون الشأنية المنفكة عن الايصال الفعلي.