ولو بعدم حصول المجيء حصل نقض غرضه ، والثاني ان لا يكون له بالفعل غرض لكنه يحصل في حال حصول المجيء غرض بالاكرام ، فلا يكون في وجود القيد مصلحة ، بل ربما يكون فيه مفسدة ، لكن مع ذلك يصدق ان مركب المصلحة هو الاكرام على تقدير المجيء ، لا الاكرام المطلق ، فهذه ثلاثة اقسام لا رابع لها بالحصر العقلي ، لان مورد المصلحة اما يكون فيه قيد او لا ، وعلى الاول اما يكون القيد دخيلا في المصلحة وجودا وعدما او لا ، هذا في مقام تعلق المصلحة.
واما مقام تعلق الارادة فاعلم انها اما ان تتعلق بالفعل الذي وقع موردا للمصلحة خاليا عن كل قيد وعلى وجه الاطلاق ، واما ان تتعلق بالفعل الذي وقع موردا للمصلحة مقيدا بقيد كذا على نحو يكون القيد دخيلا في المصلحة ، واما ان تتعلّق بالفعل الذي وقع موردا للمصلحة مقيدا على وجه يكون القيد اجنبيا عن المصلحة. لا كلام في الصورة الاولى ، كما انه لا خفاء في انه لا بد في الصورة الاخيرة من ان يوجّه الارادة نحو الفعل في فرض الفراغ عن وجود القيد ، اذ لا وجه لا دراج شيء اجنبي عن الغرض تحت الارادة ، وقد عرفت ان سوق الارادة نحو المقيد مستلزم لاحاطة الارادة بجزئية من الذات والقيد ، فلا بد من اخراج القيد عن حيّز الارادة حتى لا تقتضي تحصيله لو لم يكن موجودا ، وهو بأن يجعل الارادة في حيّز هذا القيد.
واما الصورة الوسطى فهي على قسمين : الاول ان يكون القيد الذي فرض دخيلا في الغرض مقدورا ، والثاني ان يكون غير مقدور ؛ لا كلام في الاول في انه لا بد من سوق الارادة علىّ نحو تحيط بالقيد وتقتضي تحصيله لو لم يكن حاصلا ، لفرض قوام المصلحة بوجوده ، واما الثاني فلا يمكن تعلق الارادة بمجموع الذات والقيد ، اذ يلزم التكليف بغير المقدور بالنسبة الى القيد ، فلا بد من جعل القيد خارجا عن حيّز الارادة وجعل الارادة في حيزه ، فرارا عن هذا المحذور ، فيكون حال هذا القسم من الصورة الوسطى كحال الصورة الاخيرة ، وبالجملة كما يكون عدم دخالة القيد في المصلحة ـ كما في الصورة الأخيرة ـ موجبا لجعل الارادة في حيّزه حتّى لا يلزم توجيه الطلب نحو ما لا غرض فيه. كذلك يكون عدم مقدورية القيد مع دخالته في الغرض ايضا موجبا لجعل الطلب في حيزه ، حتى لا يلزم طلب غير المقدور.
فقد تحصّل ان الارادة ابدا دائرة بين قسمين غير خارجة عنهما : احدهما ان تكون مطلقة غير واقعة في حيز شيء ، سواء كان متعلقها شيئا مطلقا ام مقيدا ، والثاني ان تكون واقعة في حيز شيء سواء كان هذا الشيء مما يقدر عليه المكلف ولكن كان اجنبيا عن الغرض ، ام كان دخيلا في الغرض ولكن كان غير مقدور للمكلف ، فاذا سمينا القسم الاول بالمطلق فانت بالخيار في تسمية الثاني بالمشروط او بالمعلق ، اذ لا مشاحة في التسمية ، ولكن الشأن في ان