والتعليق يكون بنحو الكشف ، فيلزم ايراد التعليق الكشفي على المهملة الموجودة ، وهذا ما ذكرنا من عدم معقولية ايراد التعليق على الشيء بعد وجوده ولو في الموجودات الاعتبارية.
(*٣٦ ، ص ١٠٥)
فصل : في تصوير الواجب المعلق
اعلم انه لا خفاء في عدم تصويره على قول من ارجع القيد في الواجب المشروط الى الهيئة إلجاء ، فانه لا محيص حينئذ عن ارجاع كل قيد الى المادة ، فلا ببقى الا قسمان : الوجوب المطلق ، بمعنى ما كان عاريا عن القيد ، والمشروط ، بمعنى ما يعلق بالامر المقيد ، فليس في البين قسم ثالث حتى يصطلح فيه باسم المعلق. هذا.
كما انه لا خفاء ايضا في تصويره بناء على القول بان المعاني الانشائية اعتبارات موجدة بنفس الالفاظ مع قصد تحققها بها ، فانه يقال انه كما انّ لنا اعتبارا تعليقيّا يترقب في فعليته وترتيب آثاره حصول امر واعتبارا فعليا متعلقا بالامر الفعلي ؛ كذلك لنا اعتبار فعلي متعلق بالامر الاستقبالي فقد يكون الوجوب والواجب استقباليين معا ، وهو القسم الاول ، وقد يكون الوجوب والواجب كلاهما فعليين ، وهو القسم الثاني ، وقد يكون الوجوب فعليا والواجب استقباليا ، وهو القسم الاخير ، ولا رابع لها ، وهذا واضح ، نعم قد يشكل في انه لا ثمرة في هذا التقسيم ، اذ ما تخيل كونه مترتبا عليه هو فعلية وجوب المقدمة في القسم الثالث كما في الثاني بخلاف الاول ؛ وليس كذلك فان هذا من ثمرة كون الوجوب فعليا الذي هو المشترك بين القسمين الاخيرين لا كون الواجب استقباليا.
واما بناء على القول بان المعاني الانشائية صفات قائمة بالنفس يكشف عنها الفاظها فنقول : لا بد اولا من تصور انحاء وقوع الفعل موردا للمصلحة ، ثم تصور انحاء تعلق الارادة المنبعثة عن تلك المصلحة بالفعل الذي فرض موردا للمصلحة :
فاعلم ان مورد المصلحة تارة يكون هو الفعل المطلق الخالي عن القيد مثل ان تكون المصلحة في اكرام زيد ، واخرى يكون هو الفعل المقيد مثل ان يكون مورد المصلحة اكرام زيد على تقدير المجيء ، ثم كون المقيد موردا للمصلحة يتصور على نحوين : الاول ان يكون القيد دخيلا في المصلحة بحيث لزم من فواته فواتها ، والثاني ان يكون القيد محققا للمصلحة بحيث لم يلزم من فواته نقض غرض وفوات مصلحة اصلا ، مثلا كون الاكرام على تقدير المجيء موردا للمصلحة يكون على نحوين في كليهما يكون مركب المصلحة هذا المقيد ، لا الاكرام المطلق الاول ان يكون للمولى غرض فعلي وكان حصوله منوطا بايجاد هذا المقيد ، بحيث لو لم يحصل