فان قلت : لا اشكال ان القضية التعليقية تدل على ربط المقدم بالتالي وتعليقه عليه ، فكيف الفرار عن تعليق المعنى الحرفي المستفاد من الصيغة على هذا البيان مع فرض كون القضية تعليقية؟
قلت : شأن المتكلم بالقضية التعليقية ليس إلّا ايجاد التقدير وايجاد ما هو الشرط في المقدم ، ثم يقع مضمون التالي في هذا التقدير من دون ان يصدر من المتكلم ربط والصاق بينهما حتى يقال كيف يقبل المعنى الحرفي الالصاق والربط ، وبعبارة اخرى : حال المتكلم بعد فرض الشرط والمقدم يصير كحاله فيما لو وجد الشرط والمقدم في الخارج حقيقة ، فكما انه حينئذ ياتي بالانشاء بلا الصاق وربط بشيء بل مطلقا ، ومع ذلك لم يصر الطلب والانشاء على الاطلاق بمعنى كونه في جميع التقادير بل يكون في تقدير واحد وهو مجيء زيد مثلا ، ولا وجود للطلب والانشاء في غير هذا التقدير ، فكذلك عند فرض المقدم والشرط حاصلا يأتي بالانشاء بدون ملاحظة ربطه والصاقه بشيء ، لان في هذا الفرض شرطه حاصل ، فلا حاجة الى ملاحظتهما كما في صورة الوجود الحقيقي ، فيصدق ان الطلب في تقدير واحد وليس له وجود في غير ذلك التقدير ، فيحصل التقيد والارتباط القهري بدون الحاجة الى ملاحظة الربط والتقييد من المتكلم ، والقول بان وضع القضية التعليقية لخصوص الالصاق والربط الذي كان من فعل المتكلم اوّلا ؛ اي كان فعله الاوّلى الصاق التالي بالمقدم وربطه به ، غير مسلم ، بل يوجد تقدير التالي وشرطه في عالم الفرض ، فيأتي بالتالي بعد ذلك بدون لحاظ الصاق وربط ، ثم يتولد مع ذلك الالتصاق والارتباط قهرا ، كما في صورة الوجود الخارجي.
فان قلت : اغمضنا عن ذلك ؛ لكن نحن اذا فرضنا المولى يستمر فرضه ولا يلتفت بنظرة ثانية الى فرضه فيراه خلاف الواقع فيرجع عن ارادته فلم لا تكون هذه الارادة الجدية واجبة الامتثال عقلا؟
قلت : حاله حال ما اذا استمر بالمولى الجهل المركب ، لكن المأمور ملتفت بخطائه ، فكذلك هنا ايضا المأمور ملتفت بان ما هو الحاصل مجرد فرض لا واقع له.
فان قلت : نفرض ان المأمور ايضا يستمر له حالة هذا الفرض فيقتضي ذلك انه ينقدح فيه حالة التحرك ، كما انقدح في المولى حالة الارادة واستمرت باستمرار الفرض.
قلت : لكن الفارض ليس في الغفلة المحضة وعاريا عن الالتفات والشعور رأسا الى كون ما افترضه مجرد الفرض بلا واقعية.
فان قلت : فعلى هذا يلزم ان لا ينقدح في الآمر الارادة ايضا لعين هذه الجهة.
قلت : هذا غير لازم لانا نشاهد بالوجدان حصول الحالات للنفس ببعض الخيالات ، مثل