عروض الخوف عند تصور السبع وعروض الكآبة والحزن عند تصور المكاره ، وكذلك نشاهد بالوجدان عروض حالة الشوق عند تصور الشرط في ما نحن فيه ، والحاصل ان القول بعراء مجرد الفرض المنفك عن الخارج عن التأثير في النفس ممنوع قطعا.
ثم للتفصي هنا طريق آخر : وهو ان يقال : الوجود الانشائي خفيف المئونة حيث انه يتحقق بقصد تحققه بلفظه ، فيصير هذا القصد واللفظ منشأ لان ينتزع العقلاء منهما امرا ، وليس هو مجرد فرض الفارض ، بل له نفس امرية ، غاية الامر ليس له ما بحذاء خارجي ، فوجوده بوجود منشأ انتزاعه ، ويكون لهذا الوجود آثار عند العرف والعقلاء لم تكن تلك الآثار قبل التكلم والانشاء ، فاللفظ موجد للمعنى الانشائي لو انضم اليه قصد الايجاد ، فنقول : كما يكون من جملة الاعتبارات العرفية التي لها آثار عرفا وعقلا الوجوب المطلق والملكية المطلقة فيرتبون عليه الآثار الخاصة بلا ترقب امر ، كذلك من الاعتباريات التي لها آثار عرفا وعقلا الوجوب المعلق والملكية المعلقة ونحوهما ، فينتظرون في ترتيب آثارها عليها وجود امر آخر ، وليس وجود هذا القسم في اعتبار العقلاء باقل واقصر من وجود القسم الاول ، فالتعليق مقوم هذا المعنى الوجداني كما كان الاطلاق مقوما للاول ، فهنا معنيان اعتباريان في عرض واحد ، وكلاهما من سنخ المعنى الحرفي ، لا ان المعنى الحرفي في القسم الثاني ذات عارية عن التعليق حتى يشكل علينا الامر في ايراد التعليق على المعنى الحرفي ، بل المعنى الحرفي في هذا القسم يكون بحيث من اقتضاء ذاته مع قطع النظر عن امر خارج عنه هو ان يترقب حصول امر آخر في ترتيب آثاره.
فيتخلص بهذا البيان عن كلا الاشكالين السابقين ؛ اعني تفكيك الانشاء عن المنشأ وعدم قبول المعنى الحرفي بواسطة عدم استقلاله للتقييد والتعليق :
اما الاول فلما عرفت من انه على هذا المبنى يكون لنا قسمان من الوجود للاعتباريات : وجود مطلق ، ووجود معلّق ، والثاني برزخ فيما بين الوجود المطلق والعدم ، فلم ينفكّ هذا القسم من الوجود البرزخي عن انشائه ، بل حصل فعلا عقيب انشائه كذلك ، وهذا بخلاف المبنى الآخر في المعاني الانشائية من انها صفات حقيقية وامور نفسانية لها وجود بالحقيقة لا بالاعتبار ، فانه حينئذ ليس للارادة الحقيقية قسمان من الوجود بل امرها دائر بين الوجود والعدم ، كسائر الموجودات الخارجية ، حيث انها بين موجودات في الخارج ومعدومات فيه وليس هنا قسم آخر برزخ بينهما سمّى بالوجود التعليقى ، وهذا واضح ، فالبيان المذكور يتم على المبنى الاول ويدفع به الاشكال المذكور ولا يتم على المبنى الثاني.
واما الاشكال الثاني فلما عرفت من ان نفس المعنى الحرفي يكون في ذاته بحيث يقتضي