قلت : فما تقول في ما اذا علم المولى بالجهل المركب بحصول الشرط في الخارج فامر بالفعل على وجه الاطلاق ، لكن علم المامور بان الشرط غير حاصل؟ فهل ترى ان العبد يتحرك بنفس هذا الامر مع علمه بالحال؟ نعم مع شكه يتحرك بقضية الاصل ، بل نقول : يمكن تفكيك الارادة الفاعلية عن التأثير ايضا فيما اذا علم بوجود الشرط فانقدح في نفسه ارادة الفعل آناً ما ثم التفت بكونه جهلا مركبا.
وبالجملة موضوع المصلحة ليس إلّا الوجود الخارجي من غير فرق بين اللحاظ وعدمه ، فما دام لم يتحقق الوجود الخارجي لم يتحرك العبد وان كانت معه الارادة حاصلة ، من غير فرق بين ان يكون من جهة جهل المركب للمولى وعلم العبد ام من جهة فرض وجود الشرط ، فانه ايضا من سنخ العلم فينقدح معه الارادة ، والعبد ملتفت بعدم حصول الشرط ، فعلم ان موضوع المصلحة معاير لموضوع الارادة ، فموضوع المصلحة نفس الوجود الخارجي للشرط من غير فرق بين اللحاظ وعدمه ، وموضوع الارادة هو الوجود الذهني فالعلم موضوعي بالنسبة الى الارادة ، وطريقي صرف بالنسبة الى المصلحة ، ولكن لم يؤخذ في موضوع الارادة على وجه الموضوعية بل على وجه الطريقية ، فالعلم الطريقي مأخوذ في موضوع الارادة ، بل ليس للوجود الخارجي دخل في موضوعها. حتى بنحو الجزئية ، بل تمام الدخل للعلم الطريقي وإلّا كان اللازم عدم انقداحها عند انفكاك العلم عن الوجود الخارجي ، فالوجود الخارجي البحت ليس مؤثرا في وجود الارادة في النفس ولو لم يلتفت اليه بلا اشكال ، وكذلك مع الالتفات ايضا يكون تمام الدخل للالتفات ، والوجود الخارجي يكون بالنسبة الى الارادة كضم الحجر.
وتحقق مما ذكرنا ان الارادة وحدها ليست موضوعة لوجوب الامتثال بل لا بد من العلم بتحقق المصلحة الداعية اليها في الخارج ، او الشك ، فان مقتضى الاصل مع الشك ايضا هو الوجوب ، ولا عذر له في ترك الامتثال عقلا بمجرد احتمال عدم المصلحة وكون علم المولى جهلا ، واما مع العلم بان المصلحة المبتنى عليها الارادة غير حاصلة فلا يجب الامتثال ، من غير فرق بين صورة الجهل المركب وصورة الفرض المخالف للواقع.
فان قلت : لو كان الفرض على نحو الصفتية موضوعا وشرطا للارادة يجب الامتثال باعترافك ، فما الفرق بين اخذه بنحو الصفتية شرطا وبين اخذه بنحو الطريقية كذلك ، حيث حكمت بعدم التاثير وعدم وجوب الامتثال.
قلت : حال اخذ الفرض على نحو الصفتية شرطا حال ما اذا اخذ العلم الذي هو جهل مركب شرطا في الارادة بنحو الصفتية ، فكيف يجب الامتثال حينئذ مع عدم وجوبه في فرض الطريقية.