للحاظ على وجه الاستقلال حتى يحكم عليه بعد لحاظ نفسه والاشارة الى ذاته بان هذا مطلق غير مقيّد بشيء او مقيد بشيء ، وقضية المعنى الحرفي هو الاندكاك في الغير والتبعية ، وحاله في اللحاظ حال العرض الخارجي في الوجود الخارجي ، فكما ليس له وجود على الاستقلال بل تبع للمحل وقائم به كذلك ملاحظة المعنى الحرفي في الذهن ، لا يتعلق به اللحاظ على وجه الاستقلال ، بل يلحظ بتبع المحل وقائما به ومندمجا فيه.
وقد يذب عن الاشكال الاول بالتنظير بالاخبار بانه كما ان الاخبار بأمر على تقدير ممكن ، كالاخبار بوجود النهار على تقدير طلوع الشمس ، كذلك انشاء امر على تقدير ايضا بمكان من الامكان ، وحينئذ فعدم تحقق الوجوب قبل تحقق المعلق عليه ليس من تفكيك المنشأ عن الانشاء في شيء ، بل تحققه قبله يكون تفكيكا ، فان معنى عدم التفكيك ان يكون المنشأ تابعا للانشاء ، فان انشأ امرا مطلقا بلا شرط فعدم التفكيك حصول المنشأ بلا انتظار ، وان انشأ امرا على تقدير فعدم التفكيك ان يكون حصول المنشأ منتظرا لحصول المعلق عليه.
وفيه ان الآمر لا يخلو اما ان يتحقق الايجاب في نفسه بالصيغة او لا ، بل الايجاب يتحقق عند تمام العلة لوجود الوجوب ، وهو المعلق عليه ، لا اشكال في فساد الثاني اذ يلزم اهمال الصيغة ، اذ المفروض ان المتلفظ لم ينقدح في نفسه حين التلفظ ارادة وايجاب اصلا ، وعلى الاول فالمحذور باق بحاله ، وهو امتناع ان يتحقق الايجاب فعلا بدون تحقق الوجوب كذلك ، بل يكون معلقا على شيء ، واما التنظير بالاخبار بأمر على تقدير فنقول : قول القائل اذا كانت الشمس طالعة فالنهار موجود ما ذا يكون المخبر به بكلامه؟ فان قلت : انه الملازمة بين الطلوع ووجود النهار ؛ قلنا : هذا مقطوع الفساد ، اذ الفرض انه لم يقل : الملازمة بينهما موجودة ، ومعلوم ان هذه قضية اخرى غير قوله : اذا كانت «الخ» وان قلت : ان المخبر به هو وجود النهار على تقدير الطلوع ، فنقول : هذا التقدير مأخوذ في اي شيء؟ في الجزم او في المجزوم؟ فان قلت : أخذ في المجزوم ، فيلزمك ان الجزم بلا تعليق على شيء ـ بل فعلا ـ تعلّق بالشيء المعلق ، ومعنى تعلق الجزم المطلق الفعلي بالشيء المعلق هو الجزم بمجموع الذات والمعلق عليه ، وإلّا لم يقع هذا المعلق تحت الجزم ، وهو خلف ، فيلزم ان يكون المخبر المذكور قد اخبر بوجود النهار الحاصل في تقدير الطلوع ، فيكون قد اخبر بالطلوع ايضا ضمنا ، مع ان من المعلوم صحة هذا الاخبار مع القطع بعدم الطلوع ، كأن اخبر في الليل ، وان قلت : انه مأخوذ في الجزم فنقول : كيف التوفيق بين فعلية الجزم وبين كونه معلقا على شيء؟ فقضية التعليق عدم تحققه فعلا ، وهو خلاف الفرض من ان المتكلم ليس خاليا عن الجزم ، بل القضية لا يمكن ان تتأتى بدون الجزم ، فعلم ان المقامين مشتركان في ورود الاشكال فلا وجه لتنظير احدهما بالآخر ، فلا بد من التماس