(*٣٢ ، ص ١٠٠) قوله «دام ظله» فعلى ما قدمناه من عدم احتياج العبادة «آه» اعلم انه لا اشكال في الاصل اللفظي والعقلي على غير الوجه الرابع من الوجوه الخمسة ، لان المقام من قبيل المطلق والمقيد على ثلاثة من تلك الوجوه ، والقيد داعي الامر على وجه ، وعنوان التعظيم على آخر ، وعدم الدواعي النفسانية على ثالث ، فالكلام هو الكلام في كلي المطلق والمقيد من الرجوع الى أصالة الاطلاق مع وجود مقدمات الحكمة والرجوع الى الاصل العملي المقرر في دوران الامر بين الاقل والاكثر من البراءة والاشتغال على تقدير عدم وجودها ، واوضح من ذلك الحال على الوجه الخامس اعني الالتزام بالامرين فان الشك حينئذ في وجود امر مستقل بالمقيد وعدمه ، وليس مقام الاخذ بالاطلاق ولا محلّا للخلاف في الاصل العملي ، فان الاصل اللفظي غير موجود ، والعملي هو البراءة بلا اشكال ولا كلام.
واما بناء على اخصّية الغرض فقد يقال كما قيل بعدم جريان أصالة الاطلاق وعدم جريان أصالة البراءة ، ولو قلنا : بجريان البراءة في الدوران بين الاقل والاكثر ، ويظهر ذلك ايضا من شيخنا المرتضى «قدسسره» في مسألة اعتبار قصد التميز في العبادة ، حيث انه «قدسسره» بنى على الاشتغال معتمدا على ذلك بقوله «قدسسره» وليس هذا (١) تقييدا في دليل تلك العبادة حتى يرفع باطلاقه ، كما لا يخفى ، وحينئذ فلا ينبغي بل لا يجوز ترك الاحتياط.
ومحصل ما افيد في بيان عدم اجراء أصالة الاطلاق انه اذا فرضنا التقييد بداعي الامر غير ممكن ، للزوم الدور ، فالاطلاق ايضا غير ممكن ، لان الاطلاق والتقييد توأمان فلا يمكن التمسك بالمقدمات لرفع هذا القيد ولو فرض احرازها ، واما ما افيد في تقريب عدم جريان البراءة ولو قيل بجريانها في سائر موارد الاقل والاكثر فهو ان الشك في سائر الموارد في مرحلة ثبوت التكليف بالجزء او الشرط الزائد ، فان العبد علم بامر اركع فاطاع ، وعلم بامر اسجد فاطاع ، وهكذا وهكذا ، واما امر اقرأ السورة فلم يعلم به اصلا فالاصل براءة الذمة عن هذا التكليف ، واما في هذا المقام فليس الشك في ثبوت التكليف ، فان المفروض هو العلم بثبوت التكليف بذات العمل ، وانما الشك في متعلق الغرض فلا يعلم انه قد تعلق الغرض بعين ما تعلق به الامر حتى يسقط الامر بامتثاله ، او تعلق بامر آخر اضيق مما تعلق به الامر حتى لا يسقط الامر ما لم يحصل الغرض المحدث له ، فالشك هنا في مرحلة سقوط التكليف بعد العلم باصل ثبوته ، ومن المعلوم ان حكم العقل في مثله الاشتغال ، واما في الموارد الأخر فانه قد علم
__________________
(١) اي كون الداعى المعتبر في العبادة هو التعبّد بخصوص المأمور به متميّزا عن غيره.