وكونه متعلّقا بالمقيد غير تام من جهة عدم معقولية بقاء الامر مع حصول متعلقه ، بناء على ما هو التحقيق من تعلق الامر في باب العبادة بصرف الوجود ـ كما في غير هذا الباب ـ الذي هو بمعنى خرق العدم وتبديله بالوجود ، وهو معنى غير قابل للتكرار ، فليس معنى لبقاء الامر مع حصوله الا طلبا للحاصل ، نعم بناء على ان الامر في باب العبادة على خلاف غيرها متعلق بالحقيقة السارية اينما وجدت ، غاية الامر يسقط بالاتيان بالمصداق الاول الاوامر المتعلقة بسائر المصاديق لحصول غرضها يمكن تصوير بقاء الامر الاول مع الاتيان بذات الفعل ، لكنه مع انه خلاف مسلك القائل بهذا الوجه خلاف التحقيق. وكذلك القول بالاحتياج بامرين شرعيين احدهما بذات العمل والثاني بالمقيد منه بداعي الامر الاول ايضا غير تام ، للغنى عنه باستقلال العقل بلزوم اتيان المقيد بعد امر الشارع بالذات بداعي الغرض الاخص ، فالامر العقلي بالمقيد قد اغنانا عن الامر الثانوي الشرعي بالمقيد.
(*٣١ ، ص ١٠٠) قوله «دام ظله» ولقائل ان يقول : نختار الشق الثاني «آه» وحاصل الذب ان قولكم على هذا التقدير ـ اعني سقوط الامر الاول بالذات ـ فالامر الثاني ايضا لا يسمن ولا يغني من جوع لانه ايضا ساقط بارتفاع الموضوع مدفوع بانه يكفي في فائدة هذا الامر الثاني حصول العصيان لو أتى بالذات بدون القيد مع عدم بقاء الوقت ، لانه حينئذ قد عصى الامر بالمقيد وان كان لم يعص الامر بالذات ولهذا لم يكن عصيان لو لم يكن في البين الامر الثاني ، ووجه حصول العصيان ان اعدام المحل ايضا نوع من ترك المامور به اذا لم يكن الامر مشروطا ببقاء المحل بل كان مطلقا ، ولازمه وجوب ابقاء المحل وحينئذ كما يحصل العصيان بترك العمل مع بقاء المحل يحصل ايضا باعدام المحل ، ولا يخفى ان الامر الثاني في المقام بالمقيد ليس مقيدا ومشروطا ببقاء محله وهو الامر الاول ، بل الاتيان بداعي الامر الاول مطلوب على وجه الاطلاق للمولى.
فان قلت : كيف يكون مطلقا؟ والحال انه في تقدير انعدام المحل غير مقدور ، والامر لا يتعلّق بغير المقدور ، ولازم ذلك كونه مشروطا ببقاء المحل.
قلت : يكفي في المقدورية المصححة للامر القدرة في بعض الزمان ، وهو ما قبل انعدام المحل ، والحاصل ان هذا المقيد له مطلوبية على وجه الاطلاق ، وهو مقدور في زمان من الازمنة ، وهو زمان التمكن من الذات والقيد ، وان كان خرج عن القدرة باخراج القيد عن دار الوجود.
فتحصّل انه مع الامر الثاني يحصل العصيان بفوات الوقت ، ومع عدمه فلا عصيان فلا عقاب ، وهذا المقدار يكفي في الغرض الحاصل من الامر ، فان غرض كل آمر من الامر اما نيل المقصود على تقدير الاطاعة ، واما عقوبة العبد على تقدير العصيان والمخالفة.