(وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ). (١)
ولكن لا بدّ من بيان المراد من التصوير الذي تتحدّث عنه الآية والذي جاء ذكره بعد الخلق لنعرف ما هي حقيقته؟
إنّ توضيح هذا الأمر يتوقّف على بيان المراد والمقصود من الخلق الوارد في الآية ، لأنّ لفظ «الخلق» يطلق تارة ويراد منه الإيجاد ، وتارة أُخرى يراد منه التقدير ، كما تقول العرب : «خلق الخياط الثوب» ، وهذا المعنى الثاني وإن كان صحيحاً في محلّه إلّا أنّه بالنسبة إلى هذه الآية غير صحيح ، لأنّ المراد منه هو الإيجاد والخلق ، والشاهد على ذلك انّه قد جاء بعد جملة (خَلَقْناكُمْ) جملة (ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ) ، ومن المعلوم أنّ التصوير يناسب الخلق من المادة الأُولى ولا يناسب معنى القياس والتقدير العلمي الذي قد يصدق حتّى مع عدم وجود المادة.
وحينئذٍ لا بدّ من معرفة المراد من التصوير ما هو؟
إنّ مفهوم التصوير هو نفس مفهوم التسوية الذي ورد في آية أُخرى حيث قال تعالى:
(وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ* فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ). (٢)
المرحلة الثالثة : مرحلة نفخ الروح
المرحلة الثالثة من المراحل التي مرّت بها عملية خلق الإنسان هي عملية
__________________
(١). الأعراف : ١١.
(٢). الحجر : ٢٨ ـ ٢٩.