ب : ما ورد حول الآلهة المزيّفة للمشركين حيث قال سبحانه :
(إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ* لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً ما وَرَدُوها وَكُلٌّ فِيها خالِدُونَ). (١)
وليس من السهل القضاء بين النظريتين ، لأنّ المعنى أو الاحتمال الأوّل «الإشراف» و «القرب» على خلاف ظاهر الآية ، وإذا ما ورد في قصتي موسى ويوسف عليهماالسلام ، فلوجود القرينة الخاصة. وذلك لأنّ الآية في قصة موسى عليهالسلام تقول :
(وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ قالَ ما خَطْبُكُما قالَتا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ وَأَبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ). (٢)
وهذه قرينة واضحة على أنّه عليهالسلام أشرف على ماء مدين ـ أي بئرها ـ لا الدخول في البئر ، ولكن مع ذلك يمكن الاستفادة انّ الآية السابقة تفيد الإشراف والقرب من جهنم ، وذلك لأنّ نجاة المتّقين كما تنسجم مع معنى الدخول كذلك تنسجم مع القول بالإشراف على جهنم.
ثمّ إنّ بعض المفسّرين ذهبوا إلى الاحتمال الثاني (الورود بمعنى الدخول) وفي نفس الوقت قالوا : إنّ دخول جهنم خاص بغير المتقين.
ويرد على هذا الرأي أنّه لا ينسجم مع قوله تعالى : (ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا) ، لأنّ نجاة المتّقين تحكي عن دخولهم فيها ، وإذا كان الورود بمعنى الدخول ، فهذا يعني أنّ الجميع يدخلون جهنم ولا وجه لاختصاصه بغير المتّقين والمؤمنين.
وعلى كلّ حال فقد ذهب بعض المفسّرين إلى أنّ الآية ناظرة إلى صراط
__________________
(١). الأنبياء : ٩٨ ـ ٩٩.
(٢). القصص : ٢٣.