وبعبارة أُخرى : انّ أصحاب الأعراف أُناس من الطراز الأوّل والنوع الممتاز المنزّه والمصون من كلّ أنواع الانحراف والزلل ، بل انّ مصير طائفة من أهل الجنّة والنار مرهون باختيار طائفة من أصحاب الأعراف ، والحال أنّنا نرى أنّ مفاد ومضمون بعض الروايات انّه يوجد في زمرة أصحاب الأعراف مجموعة من الناس المذنبين!!
ويمكن القول : إنّ الآيات المذكورة وإن كان سياقها يتناسب مع ما قلنا سابقاً ولكن هذه الآيات لا تأبى الانسجام مع مضامين الروايات ، بأن نجمع بينهما ، كما فعل ذلك العلّامة المجلسي حيث اعتبر وجه الجمع بين الآيات والروايات هو مضمون رواية علي بن إبراهيم وانّ أصحاب الأعراف ينقسمون إلى طائفتين :
١. الأنبياء والأئمة والكمّل من الناس.
٢. المؤمنون العصاة.
وكذلك ذهب إلى هذه النظرية كلّ من العالمين الكبيرين الشيخ الصدوق رحمهالله والشيخ المفيد قدسسره ، حيث قال : والرجال هم النبي وأوصياؤه عليهمالسلام ، لا يدخل الجنة إلّا من عرفهم وعرفوه ، ولا يدخل النار إلّا من أنكرهم وأنكروه ، وعند الأعراف المرجون لأمر الله إمّا يعذّبهم وإمّا يتوب عليهم.
وعلى كلّ حال فبحث «الأعراف» و «أصحاب الأعراف» من البحوث التي تعتمد على النقل بدرجة مائة بالمائة ، وإنّ المسألة تعبدية ولا طريق لدرك هذه الحقيقة ، وواقع الأمر والخصوصيات إلّا من خلال الوحي ، ومن الواضح أنّ الآيات والروايات لم تدع أيّ مجال للريب والشكّ في هذه الحقيقة التي يجب الإذعان بها باعتبارها تمثل أحد المراحل المسلّمة ، في عالم الآخرة وكيفية وقوع القيامة والحساب. (١)
__________________
(١). منشور جاويد : ٩ / ٣٥٤ ـ ٣٦٢.