أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ). (١)
ففي هذه الآية شهادة على أنّ الجلود تشهد على الإنسان وأعماله بصورة مطلقة ، فهي تشمل كلّ ما يصدر من الإنسان من عمل ، سواء صدر هذا العمل من خلال يد الإنسان أو رجله أو ... ، ولكن ذهب بعض المفسّرين إلى أنّ المراد من «الجلود» هو الكناية عن «الفروج» وليس مطلق الجلود ، وإنّما كنّى القرآن الكريم عن ذلك بالجلود مراعاة للأدب والخلق والتنزّه في الكلام.
ولكنّ هذا التفسير لا يقوم على أساس محكم ، أضف إلى ذلك أنّ كلمة «الفروج» قد وردت في القرآن الكريم حينما جاء الحديث عن مدح المؤمنين والثناء عليهم ، حيث قال تعالى :
(وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ). (٢)
بقي هنا سؤال وهو أنّ المذنبين يعترضون على خصوص شهادة الجلود ولا يعترضون على شهادة سائر الأعضاء والجوارح فما هو وجهه؟
والجواب : انّ الجلود تشهد على ما يصدر عنها بالمباشرة ، بخلاف السمع والبصر فإنّها كسائر الشهود تشهد بما ارتكبه غيرها. (٣)
إلى هنا اتّضح الكلام عن أصناف الشهود التي تشهد على الإنسان يوم القيامة. (٤)
__________________
(١). فصلت : ١٩ ـ ٢١.
(٢). المؤمنون : ٥.
(٣). انظر تفسير الميزان : ١٧ / ٣٧٨.
(٤). منشور جاويد : ٩ / ٣٢٨ ـ ٣٤٢.