الآخرين ، تُعدّ من الأُمور القبيحة والذميمة والمستهجنة لدى جميع الملل والأقوام والشعوب في العالم ، وكلّ إنسان يدرك ذلك جيداً حينما يرجع إلى داخله ووجدانه ، ولذلك يذم ويوبخ القائمين بتلك الأعمال القبيحة ، انّ هذا النداء العام الذي يسمع من خلال ضمير البشر وفي كلّ بقاع العالم وبين جميع الأقوام والشعوب ، لا يمكن أن يكون وليد التعليم والتربية الاجتماعية ، أو الشروط والتحوّلات الاقتصادية أو نتيجة وسائل التبليغ والإرشاد ، وذلك لأنّ من الواضح جداً انّ شعوب العالم المختلفة لم تخضع يوماً ما إلى نظام تربوي واحد أو سياسة مشتركة أو نمط اقتصادي خاص ، بل انّها دائماً تعيش تحت شروط وحالات متفاوتة ومختلفة من الناحية الاقتصادية والسياسية والتربوية ، هذا من جهة ، ومن جهة أُخرى نجد انّ هذا الإدراك الفطري موجود في زوايا جميع أبناء البشر على اختلاف جنسياتهم وألوانهم وأوطانهم ، فالكلّ ينادي : انّ الخيانة ونقض العهود والتجاوز على حقوق الآخرين أُمور قبيحة وذميمة لا ينبغي للإنسان الاتّصاف بها ، وهذا ما يكشف لنا بجلاء انّ هذا الإدراك وهذا النداء والقضاء من الأُمور الفطرية التي خلقت مع الإنسان ، وانّه من المستحيل أن تتمكّن الأفكار المستوردة أو المكتسبة من عوامل خارجية أن تخلق في الإنسان تلك الظاهرة بهذه الشمولية والسعة.
في مقابل ذلك يوجد هناك الكثير من الأعمال التي تُعدّ من الأُمور القبيحة والذميمة عند أكثر الناس ، ولكنّها لا تعدّ كذلك لدى طائفة أُخرى من الناس ، فعلى سبيل المثال الزواج من المحارم الذي اتّفقت جميع الشرائع السماوية على تحريمه ، والذي ينظر إليه أتباع الديانات السماوية نظرة اشمئزاز وتنفّر خاصة. ولكن في نفس الوقت نرى هذا العمل لا يُعدّ قبيحاً ومذموماً لدى طائفة