(الثالث) في المجتمع له تأثير عجيب في إصلاح المجتمع واستقامته ، فأيّ الاتجاهين الفكريّين يصلح المجتمع ويقوّمه؟ هل هو المنهج الذي يرى أنّ العالم يعيش حالة اللامبالاة وعدم الاهتمام بما يصدر من الإنسان من أفعال حسنة كانت أو سيّئة ، ويرى أنّ العالم موجود أعمى وأصم ولا شعور له ولا حياة فلذلك لا يفعل ولا ينفعل بعمل الإنسان وما يصدر منه من ظلم أو عدل؟ أم انّ الذي يصلح المجتمع المنهج الفكري الذي يرى أنّ للعالم شعوراً وإدراكاً وانفعالاً وانّ كلّ عمل يصدر من الإنسان لا يفلت من قبضة العالم أبداً ، بل لا بدّ أن يقابل بردة فعل تتناسب مع الفعل حسنة وسيّئة صالحة وطالحة؟
وعلى هذا الأساس ووفقاً لهذه النظرية لا بدّ أن يتصدّى لحكومة المجتمع وإدارة شئونه طبقة من الناس الذين يدركون وجود هذا البعد في المجتمع وهذه العلاقات والروابط الاجتماعية لكي يتسنّى لهم سن القوانين والمقررات الصحيحة والمناسبة آخذين بنظر الاعتبار هذا العنصر الفاعل.
وبتعبير آخر : أي لا يغفلون هذا البعد حال رسمهم الخطط والبرامج الحياتية وسنّهم للقوانين التي تقوم عليها حركة المجتمع. (١)
__________________
(١). منشور جاويد : ١ / ٣٢٤ ـ ٣٣١ بتلخيص.