وإن سلمنا امتناع تجرد كلّ واحد من الأمرين على الآخر فى الوجود ؛ ولكن لم قالوا بأن حلول الصور فى المادة ؛ ليس كحلول العرض فى موضوعه. وما ذكروه إنما يصح أن لو كان الجوهر مستغنيا فى وجوده عن حلول الأعراض به ؛ وهو غير مسلم على ما سبق بيانه (١).
وعند ذلك : فلا فرق بين الصورة فى حلولها بالمادّة ، وبين حلول الأعراض فى الجواهر. / /
وإن سلمنا : أن حلول الصورة فى المادة ؛ ليس كحلول الأعراض فى الجواهر ؛ ولكن لا نسلم أن الصورة علة لوجود المادة.
وما ذكروه فى التقرير ؛ فهو باطل ؛ إذ لا مانع أن يكونا من قبيل المتكافئين فى الوجود ؛ وأن وجودهما ، وارتفاعهما ليس إلّا بأمر خارج.
ولا يلزم أن يكون أحدهما علة للآخر ؛ لا بجهة القرب ، ولا بجهة البعد ، ولا مانع من وجود معلولين عن علة واحدة ، فاعلة بالاختيار ؛ كما قررناه فيما تقدم (٢).
وإن سلمنا : امتناع كون الموجب لذلك موجبا بالاختيار ؛ ولكن لا نسلم امتناع كونه موجبا بالذات.
وإن سلمنا : أنه لا بد وأن يكون أحدهما علة للآخر ؛ ولكن لا نسلم إمكان كون الصورة علة للمادة ؛ إذ الصورة مفتقرة فى وجودها إلى المادة ؛ لكونها صفة لها ، والصفة المفتقرة إلي الموصوف ؛ فلو كانت الصورة علة للمادة ؛ لكانت المادة مفتقرة فى وجودها إلى الصورة ؛ ويلزم منه توقف كل واحد من الأمرين على الآخر فى وجوده ؛ وهو دور ممتنع.
وإن سلمنا : إمكان كون الصورة علة للمادة ؛ فما المانع من كون المادة علة للصورة؟.
قوله : لأن المادة قابلة ، والقابل لا يكون فاعلا ؛ فقد أبطلناه فيما تقدم (٣).
__________________
(١) راجع ما سبق فى النوع الأول ـ الفصل السابع : فى امتناع تعرى الجوهر عن الأعراض ، وتعليل قبوله لها ل ٨ / ب وما بعدها.
(١١)/ / أول ل ١٣ / أمن النسخة ب.
(٢) راجع ما تقدم فى الجزء الأول ـ الأصل الثانى ل ٢١١ / ب وما بعدها.
(٣) راجع ما تقدم ل ١٩ / أ.