الفصل الثانى
فى بيان أن العلة لا بد وأن تكون وجودية (١)
نقول : اتفق القائلون بالأحوال
على أن العلّة لا بد وأن تكون وجودية ؛ غير أن طرقهم فى الدّلالة على ذلك مختلفة فلا بد من الإشارة إليها ، وتتبع ما فيها ، وما هو المختار فى ذلك.
وقد تمسك الأصحاب فى ذلك بمسالك :
المسلك الأول :
أنهم قالوا : لو جاز وجود تقدير علة معدومة ؛ للزم منه محال ؛ وبيان ذلك :
أنا إذا قلنا : العالم : عالم بعلم معدوم. جاز أن نقول : الجاهل : جاهل بجهل معدوم ، إذ لا مزية لأحدهما عن الآخر
ويلزم من ذلك أن يكون الشخص الواحد عالما ، وجاهلا بشيء واحد من جهة واحدة ؛ وذلك محال.
وهذا المحال : إنما يلزم من القول : بأن العلة يجوز أن تكون معدومة ؛ فيكون القول به محالا.
وهذا (١١) / / المسلك فى غاية الضعف.
لأن قول القائل :
لو جاز تقدير علة معدومة ؛ للزم عنه محال.
إما أن يريد به : أن ما قدر كونه علة معدوم : أى لا تحقق له ؛ فاللازم عن ذلك امتناع ثبوت الحكم المعلل به ؛ وليس ذلك محالا.
__________________
(١) لمزيد من البحث والدراسة :
انظر : الشامل فى أصول الدين للجوينى ص ٦٥١ وما بعدها والمواقف للإيجي ص ٩٣ ؛ وشرح المواقف للجرجانى ٤ / ١٩٥ ـ ١٩٨.
وشرح المقاصد للتفتازانى ج ١ ص ٣٤١ وما بعدها.
(١١)/ / أول ل ٦٣ / ب. من النسخة ب.