ولا جائز أن تكون معلومة نفس العلم القائم بذاته : إذ الكلام مفروض فيمن لم ينظر فى إثبات الأعراض التى العلم منها.
ولا جائز أن يقال إنه لا معلوم له مع كونه عالما ؛ لما سبق فى الرد على أبى هاشم ؛ فلم يبق الّا أن تكون معلومة كونه عالما ؛ وهو زائد على العلم ومحله ؛ وهو المطلوب ؛ وهو أيضا باطل ؛
إذ للخصم أن يقول : لا أسلم تصور علمه بكونه عالما مع جهله بالعلم وعدم النظر فيه بناء على [أصله] (١) أن العالم من قام به العلم.
ولا يتصور فهم الحقيقة دون فهم ما لا تتم الحقيقة إلا به.
وعلى هذا : فلا يمتنع أن يكون (١١) / / معلومه ؛ هو نفس قيام العلم به لا نفس الذات ، ولا نفس العلم فقط ؛ وليس ذلك من الأحوال فى شيء إلا أن يبين كونه ثابتا ؛ ليس بموجود ، ولا معدوم ، ولا سبيل إليه.
المسلك الخامس : أنهم قالوا : لا يخفى اتفاق السواد ، والبياض فى اللونية ، وافتراقهما فى السوادية ، والبياضية. وما به وقع الاتفاق غير ما به الافتراق ؛ وإلا كانا شيئا واحدا ؛ فإذن هما غيران ؛ وهو / المطلوب ؛ [وهو (٢) باطل] أيضا.
أما قولهم : إن السواد ، والبياض قد اشتركا فى اللّونية : فإما أن يراد به الاشتراك فى تسميه اللّونية : أى أنه يطلق على كل واحد أنه لون لفظا ، أو مسماهما.
فإن كان الأول : فهو خلاف مذهب القائل بالأحوال ؛ ومع ذلك : فإن التسميات لا تكون صفات للذوات. والأحوال من صفات الذوات.
وإن كان الثانى : فمسمّى اللونية لا محالة ينقسم إلى كلى : أى صالح أن يشترك فى معناه كثيرون ، وإلى مشخّص ليس له صلاحية أن يشترك فيه كثيرون.
فالأول : كاللونية المأخوذة فى الأذهان ، وتلك لا تحقق لها فى الأعيان.
والثانى : كهذا اللون ، وهذا اللون.
__________________
(١) ساقط من أ.
(١١)/ / أول ل ٦٢ / ب من النسخة ب.
(٢) ساقط من «أ».