فإن قيل : وإن لم يكن ذلك بسبب مدافعة الهواء ، إلا أن ما يتولد عن كل واحد من الاعتمادات المجتلبة ، تكون أضعف مما تولدت منه.
ولهذا : فإنا نحس بضعف آخر الاعتمادات المجتلبة بالنسبة إلى أولها إلى أن تمحق أو يترجح عليها الاعتماد اللازم بتولد الحركة السفلية عنه.
قلنا : إذا كان كل اعتماد تولد عن اعتماد يكون أضعف مما يتولد / عنه ؛ فما المانع أن تكون الاعتمادات اللازمة أيضا غير باقية ؛ بل متجددة ، وبعضها متولد من البعض.
وعلى هذا : فإن كان أول الاعتمادات المجتلبة مترجحا على باقى الحجر المتحرك صعودا من الاعتماد اللازم السفلى ، فيجب أن يكون ما يتولد عنه أيضا راجحا على ما يتولد عن الاعتماد اللازم ؛ وهلم جرا.
وعند ذلك : فلا يتحقق ضعف الاعتماد المجتلب بالنسبة إلى الاعتماد اللازم.
وإن قيل : إن الاعتماد اللازم باق غير متجدد ، كتجدد الاعتماد المجتلب ؛ فقد أبطلناه فيما تقدم (١).
الاختلاف الثامن (٢) :
قال أكثر المعتزلة : إنه يمتنع أن يكون بين وصول الحجر المرفوع فى جهة العلو إلى منتهاه وبين هويه : زمان سكون ، محتجين على ذلك بأنه لا موجود فى الحجر غير الاعتماد اللازم ، والاعتماد المجتلب وأحدهما يولد الحركة الفوقية ، والآخر الحركة السفلية.
وليس فيهما ما يتولد منه السكون ؛ فلا سكون.
وقال الجبائى : لا أستبعد ذلك.
وربما احتج من نصر مذهبه بأن الاعتمادات المجتلبة فى جهة العلو ، إذا غلبت الاعتماد اللازم فى جهة السفل ، تولد منها الحركة العلوية ، ولا تزال كذلك إلى أن
__________________
(١) راجع ما تقدم ل ٦٦ / أ.
(٢) قارن بما ورد فى الشامل فى أصول الدين للجوينى ص ٥٠٦ وهو متقدم على الأبكار ، وشرح المواقف للجرجانى ٥ / ٢٣١ وهو متأخر عنه ومتأثر به.