الفصل الثانى
فى معنى المتحيّز ، والحيّز ، والتّحيز (١).
أما المتحيز : فهو الموجود فى الحيز.
وأما الحيز : فهو المكان ، أو تقدير المكان ، والمراد بتقدير المكان. إمكان كونه فى المكان ، وإن لم يكن فى المكان.
وإنّما قلنا. الحيّز هو المكان ، أو تقدير المكان. ولم نقل هو المكان ؛ لأنّ المتحيز عندنا هو الجوهر. والحيز من لوازم نفس الجوهر ؛ لا انفكاك له عنه
فلو كان الحيّز هو المكان لا غير ؛ لكان كل جوهر يفتقد إلى المكان فى وجوده ، وليس كذلك ؛ لأنه لو افتقر فى وجوده الى المكان ؛ فذلك المكان : إما جوهر ، وإما عرض.
فإن كان جوهرا ؛ كان مفتقرا إلى مكان آخر ؛ ولزم التسلسل أو الدّور ؛ وهما محالان.
وإن كان عرضا : فلا بد وأن يكون قائما بجوهر آخر غير الجوهر المتمكن فيه ؛ والكلام فى ذلك الجوهر ؛ كالكلام فى الأول ؛ وهو محال ؛ لما عرف.
ومن أصحابنا : من زعم أن الحيّز هو نفس المتحيّز ؛ كما أن الوجود هو نفس الموجود ؛ وهو بعيد ؛ لأنه يصح أن يقال فلان فى الحيز الفلانى ، والجوهر فى حيز كذا دون كذا ، فيضاف المتحيز إلى الحيّز بأنه فيه.
ولو كان الحيّز هو المتحيّز ؛ لكان الشيء مضافا إلى نفسه بأنه فيها ؛ وهو محال.
وهذا بخلاف الوجود مع الموجود ؛ / فإن الموجود لا يضاف إلى وجوده بأنّه فيه ؛ فافترقا.
وأما التحيّز : فعبارة عن نسبة الجوهر إلى الحيّز بأنه فيه. وإذا عرف ذلك : فقد اختلف أصحابنا ، والمعتزلة
__________________
(١) لمزيد من البحث والدراسة راجع الشامل فى أصول الدين للجوينى ص ١٥٦ وما بعدها.