قولهم : فى الوجه الثالث : لا يخلو : إما أن يكون الرب ـ تعالى ـ (١١) / / مختارا فى إيجاد العالم ، أو غير مختار.
قلنا : بل هو مختار.
قولهم : التخيير لا يكون بين الفعل ، وما ليس بفعل ، لا نسلم ؛ بل التخيير قد يكون بين الفعل ، وعدمه ، وقد يكون بين الأفعال ولا معنى لكونه مختارا عندنا ؛ إلا هذا.
قولهم : لو كان قاصدا لإيجاد العالم ؛ لكان عالما بعدمه إلى آخر ما ذكروه ؛ فقد سبق جوابه فى مسألة إثبات العلم لله ـ تعالى (١).
وأما الشبهة الثانية (٢) : فلا نسلم أن كل موجود بعد العدم لا بد له من تقدم زمان ، ومادة عليه (٣).
قولهم : لا بد له من قبل ؛ مسلم ؛ ولكن لا نسلم أن معنى القبلية أمر وجودى ، بل معنى قبليته : أنه لم يكن ؛ فكان ؛ وهو أمر سلبى ، ومعنى عدمى. ويدل على كونه عدميا : أنه يصح اتصاف العدم السابق به : فيقال عدمه قبل وجوده.
ولو كانت القبلية صفة وجودية ؛ لما كانت صفة للعدم.
قولهم : لا فرق بين قول القائل : لا قبل له ، وبين قوله القبلية أمر عدمى ؛ ليس كذلك. فإن المفهوم : من القبلية : إذا كان عدما.
فقول القائل : لا قبل له ، يكون سلبا للمفهوم العدمى ، وسلب السلب : يتضمن الإثبات. وفرق بين العدم المحض ، وبين ما هو متضمن الإثبات.
قولهم : يصح أن يقال : له قبل هو فيه معدوم ، وتفسير القبلية / بالمعنى المذكور يفضى إلى التهافت فى الكلام.
__________________
(١١)/ / أول ل ٥٣ / ب من النسخة ب.
(١) راجع ما مر فى الجزء الأول ـ القاعدة الرابعة ـ النوع الثانى ـ المسألة الرابعة : فى إثبات صفة العلم لله ـ تعالى ـ ل ٧٢ / ب وما بعدها.
(٢) الرد على الشبهة الثانية من شبه الخصوم الواردة فى ل ٩٦ / ب وخلاصتها «أنه لو كان العالم حادثا موجودا بعد العدم ؛ فكل موجود بعد ما لم يكن لا بد له من زمان ومادة يتقدمان عليه».
(٣) من أول قوله : قولهم لو كان قاصدا لإيجاد العالم ... إلى لا بد له من تقدم زمان ومادة عليه» مكرر فى النسخة (أ).