وليس ذلك إلا باختلاف التأليف ؛ فإنه لو قدر التساوى فى تأليفاتها ، والتشابه فيها ، لما اختلفت أشكالها.
واحتج أبو هاشم : على التجانس بأن أخصّ صفة نفس / التأليف ، قيامه بمحلين ؛ وذلك مشترك فيه بين جميع التأليفات ؛ فكانت متجانسة ؛ وهذه الحجج مدخولة :
أما حجة الجبائى : فما ذكرناه على حجته فى كون التأليف مدركا باللمس ، والبصر ؛ فلا يخفى وجهه.
وأما حجة أبى هاشم : فمبنية على قيام التأليف الواحد بمحلين ؛ وهو باطل بما سبق وإن سلمنا ذلك جدلا ؛ فلا مانع أن تكون التأليفات ، مختلفة وقد اشتركت فى عارض واحد ، لازم لها.
وإنما ثبت كون ذلك أخصّ وصف التأليف أن لو لم تكن التأليفات مختلفة ، وامتناع كونها مختلفة ؛ يتوقف على كون ما ذكره من أخصّ وصف التأليف ؛ وهو دور.
الاختلاف الثامن : (١)
ذهب الجبائى : إلى أن التأليف يجوز وقوعه مباشرا بالقدرة ، ويجوز وقوعه متولدا عن المجاورة.
وخالفه أبو هاشم فى ذلك. وقال : لا يجوز وقوع التأليف إلا متولدا ؛ لأن شرط المباشر بالقدرة جواز وقوعه (١١) / / بدون ما تولده وليس التأليف كذلك ؛ لاستحالة وقوعه دون المجاورة المولدة له.
وما ذكره أبو هاشم ؛ فهو لازم على أبيه ؛ لما عرفناه فى أصل التّولّد من اتّفاق المعتزلة على أن المتولّد من السبب لا يكون إلا مباشرا بالقدرة الحادثة ، دون توسط السبب. غير أنه فاسد على أصولنا ؛ لما حققناه فى التولّد ، وبيناه ومن إبطال كل ما تمسكوا به من الحجج فيه (٢).
__________________
(١) قارن بما ورد فى المواقف للإيجي ص ١٦٧. وشرح المواقف للجرجانى ٦ / ١٩٧.
(١١)/ / أول ل ٣٢ / أ.
(٢) راجع ما مر فى الجزء الأول ـ القاعدة الرابعة ـ القسم الأول ـ النوع السادس ـ الأصل الثانى ـ الفرع الثامن : فى الرد على القائلين بالتولد ل ٢٧٢ / ب وما بعدها.