الفصل الثالث
فى أن شرط العلة أن لا تكون خارجة عن المحل الّذي أوجبت له
الحكم ؛ بل قائمة به (١)
هذا هو مذهب أكثر أصحابنا.
وقال الأستاذ أبو بكر تفريعا على (١١) / / القول بالأحوال ؛ مع إنكاره لها : لا يشترط قيام العلة بمحل حكمها.
وبه قال البصريون من المعتزلة : حيث أنهم قالوا : الرب تعالى مريد : بإرادة قائمة لا فى ذاته ، ولا فى محل.
واجمعت المعتزلة : على أن العلّة التى يشترط فى قيامها بمحلها : الحياة إذا قامت بجزء من المحل ثبت حكمها كجملة ذلك المحل.
كما لو قام العلم بجزء من الجملة ؛ ثبت كون الجملة عالمة ؛ وعلى نحوه فى القدرة ، والإرادة.
وأما ما لا يشترط فى قيامها بمحلها الحياة ، وهى موجبة للحال ؛ فحكمها مختص بمحلها ، ولا تتعداه : كالأكوان.
واختلفوا فى صفة الحياة :
والّذي ذهب إليه الحذاق منهم : أن حكمها لا يتعدى المحل الّذي هى قائمة به ، وأنه إذا قامت الحياة بجزء من الجملة ؛ فالحى بها هو ذلك الجزء دون غيره ؛ إلحاقا لها بما لا يشترط فيه الحياة : كالأكوان ؛ إذ هى مما لا يشترط فى قيامها بمحلها الحياة ؛ وإلا لتسلسل الأمر إلى غير النهاية.
احتج الأصحاب : بأنه لو كانت العلّة خارجة عن محل حكمها ؛ للزم منه المحال [وما لزم منه المحال] (٢) ؛ فهو محال.
__________________
(١) لمزيد من البحث والدراسة :
انظر : الشامل فى أصول الدين للجوينى ص ٦٥٤ وما بعدها. ومن كتب المتأخرين المتأثرين بالآمدي :
المواقف للإيجي ص ٩٢ ؛ وشرح المواقف للجرجانى ٤ / ١٨٨ ـ ١٩٥.
(١١)/ / أول ل ٦٤ / أ. من النسخة ب
(٢) ساقط من «أ».