وإن كانت أعداد المعلومات أكثر من أعداد المقدورات إذ العلم متعلق بكل ممكن ومستحيل (١) ؛ والقدرة غير متعلقة بغير الممكن (٢).
وإن كان الرابع : فلا بد من تصويره وإقامة الدليل عليه.
وما قيل : من أنه لا بد وأن يكون للزيادة نسبة إلى كل واحد من البعدين لجهة من جهات النسب ، فغير ضرورى ، والنظرى لا بد من بيانه ، وذلك لأن الخصم قد لا يسلم أنه لا بد ، وأن يكون بين ما ليسا متناهيين النسبة الواقعة بين المتناهيين ؛ لأن النسبة إذا كانت على ما قيل : أن يكون الشيء معدودا بأمثال المتناهى عدا متناهيا ؛ وذلك فيما ليس له نهاية محال.
المسلك الثانى : أنه لو كانت أبعاد الجسم لا نهاية لها ، فلنا أن نفرض خطا ممتدا فى جانب العالم لا نهاية له ؛ بحيث لو خرج من نقطة مفروضة خط آخر غير متناه إلى غير جهة الخط المفروض أولا ثم فرض دائرا إلى مسامتته ؛ فلا بد وأن يسامته ويحاذيه بنقطة ، وينفصل عنه بأخرى ؛ وما من / نقطة تفرض المحاذاة عندها ، إلا ولا بد وأن تحاذيه قبلها عند نقطة أخرى ، إلى غير النهاية. وما لا يمكن محاذاته ، ومسامته إلا بعد فرض محاذات ما لا يتناهى ؛ فمحاذاته محال ؛ فلا محاذاة ، ولا انفصال ؛ وهو خلاف الفرض الممكن.
وهذا المحال لم يلزم من فرض البعدين ، وفرض حركة أحدهما دورا لإمكانه ، فلم يبق إلا أن يكون لازما من فرض أبعاد غير متناهية ، فيكون محالا.
وهو أيضا ضعيف : إذ لقائل أن يقول : المحال إنما لزم من بعض المقدمات المذكورة ، وهو فرض دوران ما لا يتناهى ، وانتقاله بالحركة ؛ وذلك هو المحال ، وإنما كان محالا ؛ لأن البعد المتناهى من أحد طرفيه إذا قدر قرار طرفه المتناهى ، ودوران الطرف الّذي لا نهاية له ؛ فلا بد وأن ينتقل من مكانه إلى مكان غيره ، بحيث يكون ما انتقل منه ، وإليه بعدان خارجان من النقطة المفروضة / / كساقى مثلث.
__________________
(١) راجع ما سبق فى الجزء الأول ل ٧٢ / ب وما بعدها. المسألة الرابعة : فى إثبات صفة العلم لله تعالى.
(٢) راجع ما سبق فى الجزء الأول ل ٥٨ / ب وما بعدها. المسألة الثانية : فى إثبات صفة القدرة لله تعالى.
/ / أول ل ١٤ / ب من النسخة ب.