وإن سلمنا جدلا تركب الجسم من المادة ، والصورة كما ذكروه.
ولكن لا نسلم امتناع تجرد كل واحدة من المادة ، والصورة عن الأخرى فى الوجود. قولهم : فى الدّلالة الأولى : لو قدر تجرّد إحداهما عن الأخرى.
إمّا أن تكون متحدة ، أو متكثّرة ؛ مسلّم ؛ ولكن ما المانع من القول بإحداهما. قولهم : ويلزم أن يكون ذلك ثابتا لذاتها ؛ ممنوع.
وما المانع أن يكون ذلك لها بفعل الفاعل المختار ؛ كما قررناه. وإن سلم أنه ليس بفعل الفاعل المختار ؛ ولكن ما المانع أن يكون ذلك لها باعتبار أمر خارج عن ذاتها ؛ ولا سبيل إلى نفيه إلّا بالبحث ، والسبر ؛ وهو غير يقينى (١).
وإن سلم أن ذلك لها لذاتها ؛ ولكن ما المانع من أن يكون ذلك من مقتضيات ذاتها مشروطا بالانفراد ، والتجرد. ومع الاجتماع فقد فات الشّرط ؛ ويلزم من عدم الشرط ، عدم المشروط.
وقولهم : فى الدلالة الثانية : لو تجرد كل واحد من الأمرين عن الآخر فى الوجود : فإما أن يكون متحيزا ، أو غير متحيّز.
قلنا : فى حالة الانضمام ، والاجتماع : إما أن يكون كل واحد منهما متحيّزا ، أو غير متحيز.
فإن كان متحيزا : فالمحال اللازم عن تحيزّ مما حاله تجرد كل واحد من الآخر لازم حالة الانضمام.
وإن كان غير متحيّز : فالمركّب منهما أيضا يلزم أن لا يكون متحيزا ؛ لما ذكروه.
وما هو الجواب عما ذكروه / حالة الاجتماع ؛ هو بعينه جواب حالة الانفراد.
كيف وأنه لا يلزم من كون كل واحد منهما بتقدير تجرده عن الآخر غير متحيز ، امتناع التحيّز على الهيئة الاجتماعية منهما ؛ فإن الحكم على الأفراد ؛ لا يلزم أن يكون حكما على الجملة. وكذلك بالعكس ؛ لما عرف مرارا.
__________________
(١) راجع ما مر عن البحث والسبر فى القاعدة الثالثة ـ الباب الثانى ـ الفصل السابع ـ الدليل الثالث ل ٣٩ / ب.