فإنه وإن كان موصوفا بالعدم والعدم صفة نفى فلا يلزم أن ما اتصف بصفة نفى أن يكون منفيا.
وأما المتصف بصفة الإثبات : إنما كان ثابتا لاستحالة قيام الثابت بالمنفى
والمعتمد من ذلك ، مسالك :
المسلك الأول : أنه لو كانت الذوات ثابتة فى العدم فعند وجودها وحدوثها : إما أن يتجدد لها أمر لم يكن لها [فى حال عدمها] (١) أو لم يتجدد.
فإن كان الأول : فهو إما جوهر أو عرض أو حال زائدة عنهما. لا جائز أن يكون جوهرا ولا عرضا : إذ قد فرضت ذواتهما ثابتة حالة العدم فى الأزل.
ولا فرق فى ذلك بين جوهر وجوهر ولا بين عرض وعرض. وإن كان حالا زائدة عليهما ؛ فهو مبنى على القول بالأحوال ؛ وسيأتى ابطاله (٢).
وإن كان الثانى : فلا فرق بين حالة الوجود وحالة العدم ؛ وهو محال.
وهذه المحالات إنما لزمت من القول : بكون الذوات ثابتة فى حال العدم ؛ فلا ثبوت لها.
المسلك الثانى : وهو المسلك المشهور للأصحاب هو أن القول : بكون الذوات ثابتة فى العدم مما يمنع كون الرب ـ تعالى ـ موجدا ومخترعا ؛ وهو كفر.
وبيان الملازمة :
هو أن قادرية الرب ـ تعالى ـ أو قدرته (٣) لا بد وأن تكون مؤثرة فى مقدوره المخترع له.
وعند ذلك : فإما أن تكون مؤثرة فى ذات الجوهر والعرض أو فى صفة حالية زائدة على نفس ذات الجوهر ، والعرض.
الأول : محال ؛ لأن الذوات واجبة الثبوت حالة العدم إلا عندهم.
__________________
(١) ساقط من أ.
(٢) راجع ما سيأتى فى الباب الثالث ـ الأصل الأول : فى الأحوال ل ١١٤ / أوما بعدها.
(٣) ورد فى نسخة ب بعد قوله : «هو أن قادرية الرب ـ تعالى ـ أو قدرته»
(وهذه الطريقة مما ألهمنى الله إليها ولم أجدها لأحد غيرى).