قولكم : لا مشترك غير الوجود ، والحدوث ؛ لا نسلم [ذلك (١)]. والبحث ، والسبر مع عدم الاطلاع على غيره بما لا يوجب العلم بعدمه ؛ بل غايته عدم العلم به ، أو غلبة الظن بعدمه ، ولا يلزم أن يكون الغير معدوما في نفسه ؛ كما سبق في تحقيق الدليل (٢).
سلمنا أن البحث حجة ؛ ولكن مع الاطلاع على شيء آخر ، أو لا مع الاطلاع الأول : ممنوع. والثانى : مسلم.
وبيان وجود أمر آخر من الأوصاف العامة من ثلاثة أوجه :
الأول : هو أن الاشتراك متحقق في صفة الإمكان. وهو إما أن يكون وجوديا ، أو عدميا.
فإن كان وجوديا : فأمكن أن يكون هو العلة.
وإن كان عدميا : فصحة الرؤية تكون عدمية ؛ إذ الصحة هى الإمكان كما تقدم.
وعند ذلك : فيلزم منه أن لا تكون معللة ، أو أن يصح تعليلها بأمر عدمى.
الثانى : هو أن ما يسلم الخصم كونه مرئيا ؛ إنما هو الأجسام ، والألوان ، والألوان أعراض. والجسم : فعبارة عما تألف من جوهرين فصاعدا على أصلكم ، أو من ستة جواهر ، أو ثمانية على أصل المعتزلة ؛ فالتأليف داخل في مسمى الجسم ، أو ملازم له ؛ وهو عرض مشارك للألوان في صفة العرضية ، فلا يمتنع أن يكون هو العلة. وهذان الوصفان لا تحقق لهما بالنسبة إلى الله تعالى.
الثالث : الاشتراك في المعلومية ، والمقدورية ، والمذكورية.
سلمنا أنه لا مشترك في الأوصاف غير (٣) الوجود ، والحدوث ؛ ولكن لم قلتم الحدوث ليس بعلة؟
قولكم : الحدوث عبارة عن سبق الوجود بالعدم ، والعدم الداخل في مفهوم الحدوث لا يكون علة ؛ لا نسلم أن العدم السابق داخل في مفهوم الحدوث ؛ بل هو عارض للحدوث.
__________________
(١) ساقط من أ.
(٢) انظر ل ٣٩ / ب.
(٣) فى ب (إلا).