الثانى : هو أن عالمية الله ـ تعالى ـ بالسواد مثلا ؛ مماثلة لعالمية الواحد منا به ، وعالمية الله ـ تعالى ـ عندكم معللة بعلمه القديم. وعالمية الواحد منا ، معللة بالعلم الحادث ، ولا مماثلة بين العلم القديم ، والحادث ؛ وفيه تعليل المتحد ، بالمختلف.
الثالث : هو أن الاختلاف مشترك بين المختلفات ؛ فإن كل واحد من المختلفين مخالف للآخر ، ومخالفته للآخر : إما لذاته ، أو للازم ذاته ؛ وفيه تعليل المتفق بالمختلف.
الرابع : هو أن الكذب ، والجهل متفقان في صفة القبح ، وقبح (١) كل واحد منهما (١) لذاته ، أو للازم ذاته ؛ وهما مختلفان مع الاقتضاء لحكم واحد.
الخامس : أن السواد ، والبياض متفقان في اللونية ، ومختلفان في السوادية والبياضية. وقد اتفقا في الافتقار إلى محل (٢) يقومان به ؛ وهو حكم واحد.
وعند ذلك : فإما أن يكون كل واحد من السواد والبياض ، مفتقرا إلى المحل من جهة ما به الاتفاق من اللونية ، أو من جهة ما به الافتراق من السوادية ، والبياضية ، أو من الجهتين.
لا جائز أن يقال بالأول فقط ، وإلا كان السواد ، والبياض من جهة سواديته ، وبياضيته / مستغنيا عن المحل ؛ وهو محال.
فلم يبق إلا الثانى ، والثالث ؛ وفيه تعليل المتفق بالمختلف.
سلمنا أنه لا بدّ من اتحاد العلة ؛ ولكن لا نسلم أن مسمى الوجود واحد مشترك فيه بين الأجسام والألوان ؛ إذ الوجود هو نفس الموجود على ما سيأتى في مسألة المعدوم (٣) ، ولا سيما على أصلكم ، والموجودات مختلفة بذواتها ؛ فلا اتحاد.
سلمنا أن مسمى الوجود واحد ؛ ولكن لم قلتم إنه هو المصحح؟
__________________
(١) فى ب (وصفة كل واحد منها).
(٢) فى ب (المحل الّذي).
(٣) انظر الجزء الثانى ـ الباب الثانى : فى المعدوم وأحكامه ل ١٠٦ / ب.