احتج المخالف بوجوه :
الأوّل : استحقاق الوجود ، نقيض لا استحقاق الوجود ، ولا استحقاق الوجود أمر عدمي فيكون استحقاق الوجود ثبوتيا. والمقدمة الأولى ظاهرة. وأمّا الثانية ؛ فلأنّ لا استحقاق الوجود يصدق على الممتنع وهو واجب العدم ، وعلى الممكن وهو جائز العدم ؛ فإذن لا استحقاق الوجود صادق على المعدوم ، والصادق على المعدوم يمتنع أن يكون ثبوتيا ، لاستحالة اتّصاف المعدوم بالوصف الثبوتي ، فإذن لا استحقاق الوجود وصف عدمي ، فيكون الاستحقاق وصفا ثبوتيا ، ضرورة اختلاف النقيضين بالسلب والإيجاب.
الثاني : استحقاق الوجود عبارة عن نسبة خاصة للماهية إلى الوجود ، وتلك النسبة ليس (١) تحققها بحسب فرض العقل ، فإنّ الشيء في نفسه واجب سواء اعتبره العقل أو لا ؛ ولو جاز أن لا يكون (٢) اقتضاء الوجود وصفا ثبوتيا ـ مع أنّه في نفسه نسبة محققة محصّلة ـ لجاز أن يقال : نسبة الجسم إلى الجهة والحيّز بالحصول فيه ، ليست أمرا ثبوتيا ، بل أمرا عدميا.
الثالث : الشيء ما لم يجب لم يوجد ، فالوجوب سابق على الوجود ، فإنّه لا بدّ من تقدّم جهة الاستحقاق على حصول المستحق ، وجهة الاستحقاق في الواجب هو كونه مستحقا للوجود من ذاته ، ووجود الشيء سابق على أوصافه السلبية ، فإنّ الصفات السلبية لا تعيّن ولا تخصص (٣) لها في أنفسها ، بل تعيّنها وتخصّصها (٤) تبع لتخصص محالها (٥) الموجودة الموصوفة بها ؛ فحينئذ وجود الشيء سابق على
__________________
(١) م : «تلك الماهية» و «ليس» محذوف والصواب ما في المتن ، كما في نسخة ق والمباحث المشرقية.
(٢) ق : «لا يكون» م : «أن يكون» وما في المتن مطابق لعبارة الرازي في المباحث المشرقية.
(٣) و (٤) و (٥) م : «تحصص» ، «تحصصها» ، «لتحصص ملكاتها» ، وفي ق : «لتخصيص مكانها».