مقارنتها للطعوم تنسب إليها ، وتعرّف بها (١).
خاتمة (٢) : هذه الكيفيات المحسوسة أعراض لا جواهر ، وقد نازع في ذلك قوم غير محققين فقالوا : الكيفيات المحسوسة جواهر تخالط الأجسام ، فالسواد جوهر وكذا البياض وغيرهما من الألوان ، والحرارة جوهر وكذا البرودة وغيرها من الكيفيات المذكورة.
وهذا خطأ فإنّها لو كانت جواهر ، فإمّا أن تكون أجساما أو لا. والأوّل باطل ، وإلّا لكان لها طول وعرض وعمق هو لون ، ومعنى أنّه طول وعرض وعمق ليس معنى أنّه لون ، فإنّه يمكن زوال اللون مع بقاء هذه الأبعاد بعينها ، فإمّا أن يكون للّون طول وعرض وعمق غير هذا أو لا يكون له إلّا هذا ، فإن كان له مقدار غير هذا تداخل البعدان ، وهو محال. وإن لم يكن له بعد سوى هذا فليس لذات اللون إذن مقدار ، بل إنّما يتقدر بما يحله ، ولا امتناع فيه.
وأمّا الثاني : وهو أن تكون هذه الأشياء جواهر غير أجسام ، فإمّا أن تكون بحيث يحصل من تركّبها أجسام أو لا ، فإن كان الأوّل لزم أن يكون ما لا قدر له يجتمع منه ما له قدر ، وهو إنّما يصحّ لو قلنا بالجوهر الفرد وسيأتي البحث فيه.
وإن لم يكن فإمّا أن يكون بحيث يصحّ أن يفارق الجسم الذي هو فيه أو لا ، فإن صحّ فإمّا أن يمكن أن لا يبقى في جسم أصلا أو لا يمكن ، فإن أمكن فإمّا أن يكون مشارا إليه أو لا ، فإن كان مشارا إليه ، كان جسما لاستحالة الخلاء فيمتنع
__________________
(١) أمّا تقسيم الروائح الشائع الآن فهو التقسيم الذي وضعه هيننج (Henning (والذي قال فيه بست روائح أوّلية هي : رائحة الفواكه ، ورائحة الزهور ، ورائحة الراتنج ، ورائحة التوابل ، ورائحة العفن ، ورائحة المحروق. ووضع كروكر وهندرسون (Crocker وHenderson (حديثا تصنيفا آخر للروائح الأوّلية يمتاز ببساطته ، إذ قالا بأربع روائح أوّلية فقط هي : عطري (مثل المسك) ، وحامضي (مثل الخل) ، ومحروق (مثل البن المحروق)، ودهني (مثل رائحة دهن الحيوانات والعرق). الإدراك الحسّي عند ابن سينا ، للدكتور نجاتي : ص ١٠٢ ـ ١٠٣.
(٢) قارن التحصيل : ٣٩٩ ـ ٤٠١ ؛ المباحث المشرقية ١ : ٤٢٧ ـ ٤٢٨.