الطعوم ، ثمّ المرارة ، ثمّ الملوحة ؛ لأنّ الحرّيف أقوى على التحليل من المرّ ، فكان أسخن منه.
وإنّما أخرت الملوحة عن المرارة أمّا بالإنّية ، فلأنّ الملح المرّ والبورق (١) أكثر تسخينا من الملح المأكول. وأمّا باللّمية ، فلأنّ الملوحة إنّما تتولد من مخالطة أجزاء أرضية محترقة يابسة المزاج مرّة الطعم بأجزاء مائية قليلة الطعم أو عديمة الطعم مخالطة باعتدال ، فإنّها إن كثرت أمرّت ، وهذه الأجزاء المائية غير معتبرة في المرارة ، ومن هذا تتولد الأملاح وتملح المياه. وقد يصنع من الرماد والقلي والنورة وغير ذلك ، بأن يطبخ في الماء ويصفى ويغلى ذلك الماء حتى ينعقد ملحا ، أو يترك فينعقد بنفسه.
والعفوصة أبردها ثمّ القبض ثمّ الحموضة ، ولهذا فإنّ الفواكه التي تحلو تكون فيها أوّلا عفوصة شديدة التبريد ، فإذا اعتدلت يسيرا بإسخان الشمس المنضج مالت أولا إلى القبض ، ثمّ إلى الحموضة مثل الحصرم ، وفيما بين ذلك تكون إلى قبض يسير ليس بعفوصة ، ثمّ تنتقل إلى الحلاوة إذا عملت فيها الحرارة المنضجة. وقد تنتقل من العفوصة إلى الحلاوة من غير تحميض ، لكن الحامض وإن كان أقلّ بردا من العفص فهو في الأكثر أكثر تبريدا منه ، للطافته ونفوذه في الظاهر والباطن وشدة غوصه.
__________________
(١) البورق : ـ بالضم ـ أصناف مائي وجبلي وأرمني ومصري وهو النّطرون مسحوقه يلطخ به البطن قريبا من نار ، فانّه يخرج الدود ، ومدوفا بعسل أو دهن زنبق تطلى به المذاكير ، فانّه عجيب للباءة. القاموس المحيط ٣ : ٣٠٩.
أنواع البورق مختلفة ، ومعادنه كثيرة كمعادن الملح ، ومنه ما يكون أحمر وأبيض وأغبر. والنطرون وإن كان من البورق ، فانّ له أفاعيل غير أفاعيل البورق. ومنه صنف يسمّى بورق الخبز ، لأنّ الخبازين بمصر يحلونه بالماء ، ويغسلون به ظاهر الخبز ، فيكسبه بريقا. ومنه قطاع جلّاء ، والناس يغسلون به أبدانهم في الحمام ، فيجلوها ويغسل الوسخ. والبورق أقوى من الملح. المعتمد في الأدوية المفردة : ٤١ ـ ٤٢.