أحد أجزاء الصوت فالجزء الآخر غير حاصل ، فلا يكون مسموعا ، وكذا القول في الجزء الآخر. وإذا لم يكن التناسب مسموعا لم يكن كونه طيبا أو غير طيب مسموعا ، بل ذلك أمر يحصل للنفس عند اعتبار تناسب ما بقي في التخيل من تلك الأصوات ، وإذا لم يكن مسموعا لم يدخل في الحدّ.
وأمّا طول الصوت وقصره ، فالأمر فيه كذلك أيضا ؛ لأنّ المسموع أبدا هو الصوت الحاصل في ذلك الوقت فأمّا إن حصلا قبل ذلك فهو العكس. (١)
وأمّا الجهارة والخفاء ، فلا نسلّم مغايرتهما للحدّة والثقل.
وأمّا العكس فهو أنّ الحروف الصامتة البسيطة كالباء والتاء والدال والطاء آنية لا توجد إلّا في الآن ـ الذي هو بداية زمان الصوت ـ فلا تكون هيئات عارضة للصوت ، لأنّها لو كانت عارضة له ، لما وجدت إلّا مع وجوده ، لكنّ هذه الحروف لا توجد مع وجود الصوت ، لأنّها إنّما توجد في الآن ـ الذي هو آخر زمان حبس النفس وأوّل زمان إطلاقه ـ ، والصوت لا يوجد إلّا في زمان إرسال النفس. فإذن هذه الحروف موجودة قبل وجود الصوت فلا يمكن أن يقال : إنّها هيئات عارضة للصوت.
قيل : للمانع أن يمنع عدم عروض هذه الحروف للصوت ؛ لإمكان عروضها له كما يعرض الآن للزمان.
وفيه نظر ؛ لأنّ الآن ليس موجودا بالفعل عندهم ، وهذه الحروف مسموعة فتكون موجودة قطعا لا بدّ لها من محل موجود قطعا بالفعل ، والآن الذي هو طرف زمان الصوت ليس موجودا بالفعل. وفرق بين هذه الأشياء وبين الأشياء الآنية ؛ لأنّ تلك موجودة في نفسها أو محالّ غير الآن ، فلا يلزم من تحقّقها بالفعل تحقّق الآن بالفعل ، وهذه تحتاج إلى محل موجود بالفعل ، وليس محلّها الأوّل الهواء ، بل عارضه وهو الصوت.
__________________
(١) العبارة كذا ، وفي النهاية العقول : «فهو غير مسموع».