نزاع في أنّه نفي محض.
وإمّا أن يكون ممكن الثبوت ، فعندنا أنّه كذلك (١) ، وهو مذهب الأوائل وجماعة من المتكلّمين «كأبي الهذيل» (٢) و «هشام الفوطي» (٣) و «هشام البردعي» (٤) و «أبي الحسين البصري» و «الخوارزمي» و «القاضي أبي بكر الباقلاني» (٥) وغيرهم.
وذهب آخرون إلى أنّه شيء ، بناء على أنّ الوجود زائد على الماهية ، وأنّه يجوز خلو تلك الماهية عن الوجودين وتبقى ثابتة في الأعيان ، فجعلوا الوجود غير الثبوت ، وهو مذهب «أبي يعقوب الشحّام» (٦) و «أبي علي الجبائي» (٧) و «أبي
__________________
(١) هذا مذهب الإماميّة كافة من أوّلهم إلى عصرنا الراهن. راجع أوائل المقالات : ٩٨.
(٢) محمد بن الهذيل بن عبد الله بن مكحول العبدي ، مولى عبد القيس ، أبو الهذيل العلّاف : من أئمة المعتزلة. ولد في البصرة واشتهر بعلم الكلام. كفّ بصره في آخر عمره ، وتوفي بسامراء. وفيات الأعيان ١ : ٤٨٠ وفيه أقوال في وفاته سنة ٢٣٥ و ٢٢٦ و ٢٢٧ ؛ لسان الميزان ٥ : ٤١٣ ؛ مروج الذهب ٢ : ٢٩٨ ؛ تاريخ بغداد ٣ : ٣٦٦.
(٣) هو هشام بن عمرو الفوطي الشيباني من أهل البصرة وقد تفرّد بمسائل. وقال ابن النديم في الفهرست : وهو هشام بن عمرو الفوطي مسكن الواو كذا يجب في العربية ، وقال السمعاني في الأنساب : الفوطي بضم الفاء وفتح الواو ، وفي آخرها الطاء المهملة هذه النسبة إلى الفوطة وهي نوع من الثياب ، طبقات المعتزلة : ٦١ ؛ الأنساب ٤ : ٤٠٨.
(٤) ق وج : «الودعي».
(٥) أبو بكر محمد بن الطيب المعروف بالباقلاني البصري المتكلّم المشهور ، كان على مذهب الشيخ أبي الحسن الأشعري وناصرا طريقته ، توفي ببغداد سنة ٤٠٣ ه. وفيات الأعيان ٤ : ٢٦٩ ، يقول : «المعدوم لا هو مثبت ولا هو شيء» التمهيد : ٤٠ ، مراجعة الخضيري.
(٦) يوسف بن عبد الله ، أبو يعقوب الشّحام : مفسّر معتزلي ، من أهل البصرة. انتهت إليه رئاسة المعتزلة في أيامه. أخذ عن أبي الهذيل وولي الخراج في أيام الواثق. عاش ٨٠ سنة ، وله كتاب في تفسير القرآن ، وتوفّي في عام ٢٨٠ ه. لسان الميزان ٦ : ٣٢٥ ؛ طبقات المعتزلة : ٧١ ـ ٧٢. وهو أول من قال بإمكان تسمية المعدوم شيئا. راجع : الشهرستاني : نهاية الإقدام ، في علم الكلام : ١٥١ ، حيث قال : «والشحّام من المعتزلة أحدث القول بأنّ المعدوم شيء وذات وعين».
(٧) هو أبو علي محمد بن عبد الوهاب الجبائي أحد أئمّة المعتزلة (٢٣٥ ـ ٣٠٣ ه). وفيات الأعيان ٤ : ٢٦٧.