الكيفيات. (١) ويخرج أيضا الألوان ؛ لأنّها لا تحس إلّا بواسطة الضوء. وإن لم نعتبر الأولية دخل ما يحسّ ثانيا كالأشكال والحركات والسكنات وغيرها.
الأمر الثاني : حدوثها ـ إمّا بالشخص أو بالنوع ـ تابع لانفعالات موادها وللمزاج. أمّا بالشخص فكالصفرة التابعة لسوء المزاج الحار المستحكم في الكبد وحلاوة العسل ، وإن لم يكن حدوثها لأجل الانفعالات ، لكن من شأن تلك الحقيقة أن توجد عند الانفعال أيضا. وأمّا بالنوع فكحرارة النار ، فإنّ الحرارة النارية وإن لم تحصل في النار بالانفعال ، لكن من شأن الحرارة من حيث هي حرارة أن تحدث أيضا بالانفعال في مادة. وغير المستقرة ، وإن كانت انفعالية باعتبار الأمرين ، لكنها لقصر مدتها وسرعة زوالها منعت اسم جنسها ، واقتصر في تسميتها على اسم الانفعالات ، وإن لم يكن في أنفسها انفعالات.
الكلية الثانية : قيل الخاصّة المساوية لهذا النوع العامة لأفراده إنّها تفعل في موادها أشياء يشاركها في المعنى ، فإنّ الحار يجعل غيره حارا وكذا البارد ، والأسود يقرر شبحه في العين.
واعترض (٢) بأنّ الثقل والخفة من هذا النوع ولا يفعلان مثل أنفسهما ، وبأنّ الشيخ ذكر في فصل «الاسطقسات» (٣) في علة تسمية الرطوبة واليبوسة بالمنفعلتين أنّه لم يثبت بالبرهان أنّ الرطب يجعل غيره رطبا ، واليابس يجعل غيره يابسا ، فلا تفيدان مثل نفسيهما(٤).
الكلية الثالثة (٥) : ذهب قوم من القدماء إلى أنّ الكيفيات المحسوسة
__________________
(١) قال فيها : «وأمّا الثقل والخفة ، فانّهما ليسا إلّا من باب الكيفية ... وهما من جملة المحسوسات ، ومن جملة ما يحدث في الأجسام بالانفعالات» (نفس المصدر : ١٩٦).
(٢) والمعترض هو الرازي.
(٣) من طبيعيات الشفاء.
(٤) وقد أجاد صدر المتألّهين في الجواب عن هذا الاعتراض ، فراجع الأسفار ٤ : ٦٤ ـ ٦٥.
(٥) راجع طبيعيات الشفاء ، الفصل الأوّل من المقالة الثانية من الفن الرابع.