وفيه نظر ، لأنّ الخلاء يحرك كلّية الجسم ، ولا جزء له بالفعل. فإن فرض له جزء كان متحركا عنه بالعرض بواسطة تحريكه للكل لا بالذات ، كالقوى المحركة للأجسام عندهم. ونمنع كون الخلاء لا يصعّد الجسم إلى فوق. ولو سلّم فلا يلزم من نفي هذا التحريك نفي مطلق التحريك.
ب ـ الخلاء المتخلل لأجزاء الجسم إن كان هو الذي يوجب حركته إلى فوق ـ وموجب الشيء ملازم له ـ فيكون الخلاء ملازما للمتخلخل (١) في حركته منتقلا معه ، فيحتاج الخلاء إلى مكان آخر طبيعي له حتى يكون مطلوبا له يتحرك إليه ، هذا خلف. وأمّا أن لا يكون كذلك ، بل لا يزال الجسم يستبدل في حركته خلاء بعد خلاء ، فلا يكون ملاقاة الجسم للخلاء الواحد إلّا في آن واحد ، وفي الآن لا يحرك شيء شيئا ، وبعد الآن لا يكون ملاقيا له.
ولا يمكن أن يقال : الخلاء يعطي الجسم قوة من شأنها أن تبقى ويكون المحرك هو تلك القوة ، ويكون كلّ خلاء يؤثر أثرا جديدا ، ولا يزال ذلك الأثر يشتدّ والحركة تسرع. وذلك أيضا باطل ؛ لأنّ الخلاء متشابه فليس بعض أجزائه بهذا الاقتضاء أولى من البعض الآخر.
وفيه نظر ، لأنّا نقول : الخلاء إذا تخلّل أجزاء الجسم أفاد الجسم خفّة ، وتلك الخفة تقتضي اصعاده ، ولا يحتاج الخلاء إلى مكان آخر طبيعي له. أقصى ما في الباب أنّه يحتاج إلى أن يطابقه بعد تخلل الجسم وأجزائه والأجزاء الخلائية المتخللة بينها فيه.
تذنيب : من جعل المكان هو السطح المحيط ، قسّم المكان إلى سطح واحد ، بأن يكون محيطا بجميع السطح الظاهر من المحوي ، وإلى أكثر من واحد ،
__________________
(١) كذا في النسخ ، وفي المباحث المشرقية «المتخلّل».