واحدة ، فلا يحصل الامتياز بينهما بالذاتيات ولا باللوازم ، لتساويهما في الماهيّة ولوازمها ، ولا بالعوارض (١) لتساوي نسبتها إليهما ؛ لأنّ المثلين إذا حلّا في مادة واحدة ، لم يكن أحدهما بعروض العارض له أولى من الآخر ، فإمّا أن يكون عارضا لهما ، أو لا يعرض لشيء منهما ، وعلى التقديرين يرتفع الامتياز والاثنينية والتعدّد ، ويلزم من ذلك ما تقدّم من المحالات.
لا يقال ، يمتاز أحدهما عن الآخر بكون أحدهما حالّا في الجسم ، والآخر محلّا له.
لأنّا نقول : إنّهما مثلان ، فتخصيص أحدهما بالحاليّة والآخر بالمحلّية ترجيح من غير مرجح.
الثالث : البعد الشخصي هو البعد المشار إليه بين طرفي هذا الإناء ، أو بين هذين الجدارين مثلا ، فلو كان المكان هو البعد ، مع أنّ للمتمكن بعدا آخر لاجتمع بين طرفي الإناء بعدان ، مع أنّ البعد المشار إليه الشخصي (٢) ليس إلّا بعدا واحدا ، وذلك يفضي إلى الشك في المحسوسات في أنّ الواحد منها هل هو واحد أم أكثر؟ بل جوّز العقل أن يكون أكثر من بعدين وثلاثة ، وإلى ما لا يتناهى ، وهذا معلوم البطلان بالضرورة ، فإذن ليس بين طرفي الإناء إلّا بعد المتمكن.
لا يقال : إنّما حكمنا بتعدّد البعد بين طرفي الإناء ، لأنّا قدّرنا خروج المتمكن منه ، وعدم دخول آخر ، ثمّ وجدنا بعد ذلك بعدا فارغا فحكمنا بوجوده حال خلوه عن بعد المتمكن ، فإذا فرضنا وجود المتمكن فيه علمنا أنّه قد اجتمع بعدان ، بخلاف غيره من الأشخاص ، فإنّ المحسوس من الجسم الواحد ليس إلّا الواحد ، فلا يلزم تشكك العقل في أنّ هذا الإنسان واحد أو اثنان؟ ولا البعد ثلاثة
__________________
(١) أي العوارض المفارقة.
(٢) ق : «الشخصين».