وهذا خطأ ؛ فإنّ الزمان لو ثبت لكان متقضّيا (١) لذاته ، وإلّا لكان الآن هو زمان الطوفان ، بل كلّ زمان سابق عليه ، فما حدث الآن فهو حادث في كلّ زمان بنفسه ، هذا خلف. وكل متقضّ فإنّ له أجزاء تعدم ، وأجزاء تتجدد ، وواجب الوجود لذاته يستحيل عليه ذلك. والحجّة التي ذكروها ساقطة ، لأنّ المحال لم يلزم من فرض عدم الزمان مطلقا ، بل من فرض عدمه بعد وجوده ، وهو لا يدل على وجوبه الذاتي. على أنّا نمنع كون عدمه بعد وجوده بالزمان ، وإلّا لزم في أجزائه ذلك ، فيلزم وجود أزمنة لا تتناهى لا دفعة واحدة ، بل مرارا لا نهاية لها ، وهو ضروري البطلان (٢).
وذهب آخرون منهم إلى أنّ الزمان أمر موجود جوهر متحيّز ، وهو فلك معدل النهار ، لأنّ الزمان محيط بجميع الحوادث ، وفلك معدل النهار محيط بجميع الحوادث.
وهو برهان عقيم لا ينتج ، فإنّ الموجبتين في الشكل الثاني غير منتجتين (٣). ثمّ إحاطة الزمان بجميع الحوادث ، ليس هي إحاطة الفلك بجميع الحوادث ، لأنّ المراد بالحوادث الأولى الزمانية وبالثانية المكانية.
وذهب آخرون إلى أنّه عرض غير قارّ الذات ، وهو نفس حركة معدل النهار (٤).
وهو خطأ ؛ لأنّ الحركة توصف بالسرعة والبطء والمعيّة فيقال : حركتان معا ، لا يصحّ كلّ ذلك في الزمان. ويقال : الحركة السريعة هي التي تقطع مثل ما قطع
__________________
(١) في النسخ : «منقضيا» والصحيح ما أثبتناه.
(٢) راجع الأسفار ٣ : ١٤٧ ـ ١٤٨.
(٣) لأنّه يشترط فيه أن تكون إحدى المقدمتين سالبة ليستغرق الأوسط.
(٤) ق : «الزمان».