تلك الدعامات المتعددة بالشخص ، المشتركة في الغاية المطلوبة من كلّ واحد منها. وأمّا هنا ، فقد بيّنا أنّ الذي هو سبب تعيّن العرض المتعين هو الموضوع المخصص باللواحق الجزئية ، فيمتنع أن تكون وحدته نوعية ، فإنّ الواحد بالنوع لا يتقرر في الخارج ، فلا بدّ وأن تكون علّة تعيّنه شيئا متعيّنا شخصيا.
وأمّا النفس : فإنّ البدن شرط في حدوثها ، وكانت في جوهريتها وتعيّنها غنيّة عن تلك المادة ، ولهذا لم تنطبع فيها.
وأمّا الأعراض : فإنّها كما احتاجت في حدوثها إلى المواد ، احتاجت أيضا في وجودها الحادث ـ الذي هو تعينها ـ إلى الموضوعات ، فإذا فارقتها عدمت.
وفيه نظر ؛ فإنّا نمنع استحالة انحصار نوع كل عرض في شخصه. والإحساس لا يدل عليه ، فإنّ الأشياء المختلفة بالحقائق قد تتفق في الإحساس وبالعكس. والاستغناء في التعيّن عن الموضوع لا يقتضي استغناؤه عنه ، فإنّ الحاجة في القيام والحلول إلى المحلّ لا يجب انحصاره في الحاجة إلى التعيّن ، وإلّا لكان العرض في ذاته غنيا عن المحل وإنّما يحتاج إليه في تشخصه ، وليس كذلك ، فإنّ العرض بما هو عرض لا يعقل قيامه إلّا في محلّه ، لا من حيث تشخصه.
سلّمنا ، لكن لم لا يجوز استناده إلى المحل من حيث هو ، لا من حيث ذلك المحلّ الشخصي ، فجازت المفارقة عليه ، أو إلى الحال ، ولا يلزم استغناؤه عن الموضوع كما تقدم، ونمنع (١) تساوي نسبة المفارق إلى كلّ الأعراض.
وبعد هذا كلّه ، فالحق استناد تشخصه إلى الفاعل المختار. (٢) وسيأتي إبطال حوادث غير متناهية.
__________________
(١) م : «لمنع».
(٢) وهذا عند المتكلّمين ؛ وإلى العقل الفعّال ـ وهو العقل العاشر ـ عند الحكماء المشائين.