أمر ثبوتي (١) ، فنقول : اختلف الناس في ذلك ، فذهب الأوائل إليه ، وأنكره المتكلّمون.
احتج الأوائل بوجهين (٢) :
أ : تعيّن الشيء وخصوصيته نفس هويّته ، والشخص من حيث هو هو ثابت ، والهويّة جزء منه وجزء الثابت ثابت فالتعيّن ثابت.
ب : لو كان التعيّن عدميّا ، فإمّا أن يكون عبارة عن اللالاتعيّن (٣) مطلقا أو عن لا تعيّن غيره ، والأوّل محال ، لأنّ اللاتعيّن مطلقا عدميّ ، فعدمه عدم العدم فيكون ثبوتيا. والثاني ، إن كان تعيّن غيره عدميا كان هو ثبوتيا ، لكنّ تعيّنه كتعيّن غيره ، فتعيّن غيره أيضا ثابت ، وإن كان تعيّن غيره ثبوتيا كان هو ثابتا لأنّه كهو.
احتج المنكرون بوجوه :
الأوّل : لو كان التعيّن ثبوتيا زائدا على الماهية ، لكان له ماهيّة نوعيّة مقولة على أشخاص التعيّنات ، لاشتراك جميع التعيّنات في الماهيّة المسمّاة بالتعيّن ، وحينئذ يمتاز كلّ واحد منها عن صاحبه بخصوصيّة ، فتكون شخصيّة كلّ نوع زائدة على ماهيته ، فيلزم التسلسل ، وبهذا سقط قول من قال : التعيّن يتعيّن لذاته.
الثاني : اختصاص ذلك الزائد بذلك المتعيّن (٤) دون غيره ، إنّما يكون بعد
__________________
(١) قال في الأسفار : «إنّ تعيّن الشيء غير تشخصه ، إذ الأوّل أمر نسبيّ دون الثاني الخ».
(٢) راجع تعليقة صدر المتألهين على الشفاء : ٢٠٤.
(٣) وفي المباحث المشرقية ، وتعليقة صدر المتألهين على الشفاء : «عن عدم اللاتعين».
(٤) ق : «التعيّن».