يدركها الآكل إلا من حيث أن عموم اللذة قد شملها فإن لم يكن قد التذ بشيء قط تعذر أصل الجواب ، وكذلك من قال كيف سمع كلام الله تعالى فلا يمكن شفاؤه في السؤال إلا بأن نسمعه كلام الله تعالى القديم وهو متعذر ، فإن ذلك من خصائص الكليم عليهالسلام ، فنحن لا نقدر على إسماعه أو تشبيه ذلك بشيء من مسموعاته وليس في مسموعاته ما يشبه كلام الله تعالى ، فإن كل مسموعاته التي ألفها أصوات والأصوات لا تشبه ما ليس بأصوات فيتعذر تفهيمه ، بل الأصم لو سأل وقال كيف تسمعون أنتم الأصوات وهو ما سمع قط صوتا لم نقدر على جوابه ، فإنا إن قلنا كما تدرك أنت المبصرات فهو إدراك في الاذن كإدراك البصر في العين كان هذا خطأ ، فإن إدراك الأصوات لا يشبه إبصار الألوان ، فدل أن هذا السؤال محال بل لو قال القائل كيف يرى رب الأرباب في الآخرة ، كان جوابه محالا لا محالة لأنه يسأل عن كيفية ما لا كيفية له ، إذ معنى قول القائل كيف هو أي مثل أي شيء هو مما عرفناه. فإن كان ما يسأل عنه غير مماثل لشيء مما عرفه ، كان الجواب محالا ولم يدل ذلك على عدم ذات الله تعالى. فكذلك تعذر هذا لا يدل على عدم كلام الله تعالى بل ينبغي أن يعتقد أن كلامه سبحانه صفة قديمة ليس كمثلها شيء ، كما أن ذاته ذات قديمة ليس كمثلها شيء ، وكما ترى ذاته رؤية تخالف رؤية الأجسام والأعراض ولا تشبهها فيسمع كلامه سماعا يخالف الحروف والأصوات ولا يشبهها.
الاستبعاد الثاني : أن يقال كلام الله سبحانه حال في المصاحف أم لا ، فإن كان حالا فكيف حمل القديم في الحادث؟ فإن قلتم لا ، فهو خلاف الإجماع ، اذ احترام المصحف مجمع عليه حتى حرم على المحدث مسه وليس ذلك إلّا لأن فيه كلام الله تعالى.
فنقول : كلام الله تعالى مكتوب في المصاحف محفوظ في القلوب