القسم الثاني من هذا القطب
(في أحكام الصفات عامة ما يشترك فيها أو يفترق وهي أربعة أحكام)
الحكم الأول :
إن الصفات السبعة التي دللنا عليها ليست هي الذات بل هي زائدة على الذات ، فصانع العالم تعالى عندنا عالم بعلم وحي بحياة وقادر بقدرة ، هكذا في جميع الصفات ، وذهبت المعتزلة والفلاسفة إلى إنكار ذلك ، وقالوا : القديم ذات واحدة قديمة ولا يجوز إثبات ذوات قديمة متعددة ، وإنما الدليل يدل على كونه عالما قادرا حيا لا على العلم والقدرة والحياة ، ولنعين العلم من الصفات حتى لا نحتاج إلى تكرير جميع الصفات ، وزعموا أن العلمية حال للذات وليست بصفة ، لكن المعتزلة ناقضوا في صفتين إذ قالوا إنه مريد بإرادة زائدة على الذات ومتكلم بكلام هو زائد على الذات ، إلا أن الإرادة يخلقها في غير محل والكلام يخلقه في جسم جماد ويكون هو المتكلم به ، والفلاسفة طرّدوا قياسهم في الإرادة ، وأما الكلام فإنهم قالوا إنه متكلم بمعنى أنه يخلق في ذات النبي عليهالسلام سماع أصوات منظومة ، إما في النوم وإما في اليقظة ، ولا يكون لتلك الأصوات وجود من خارج البتة ، بل في سمع النبي ، كما يرى النائم أشخاصا لا وجود لها ، ولكن تحدث صورها في دماغه ، وكذلك يسمع أصواتا لا وجود لها حتى أن الحاضر عند النائم لا يسمع ، والنائم قد يسمع ، ويهوله الصوت الهائل ويزعجه وينتبه خائفا مذعورا. وزعموا أن النبي إذا كان عاني الرتبة في النبوة ينتهي صفاء نفسه إلى أن